الأوهام ؛ إذ كلّ ما يحصل في الوهم فهو مخلوق ، فأجاب عليهالسلام بأنّه تعالى لا تدرك كنه حقيقته العقول والأوهام ، ولا يتمثّل أيضا في الحواسّ ؛ إذ هو مستلزم للتشبيه بالمخلوقين ، ولو كان كما توهّمت ـ من أنّه لا يمكن تصوّره بوجه من الوجوه ـ لكان تكليفنا بالتصديق بوجوده وتوحيده وسائر صفاته تكليفا بالمحال ؛ إذ لا يمكن التصديق بثبوت شيء لشيء بدون تصوّر ذلك الشيء ، فهذا القول مستلزم لنفي وجوده وسائر صفاته عنه تعالى ، ولا بدّ في التوحيد من إخراجه عن حدّ النفي والتعطيل ، وعن حدّ التشبيه بالمخلوقين.
ثمّ استدلّ عليهالسلام بتركيبهم وحدوثهم وتغيّر أحوالهم وتبدّل أحوالهم وأوضاعهم على احتياجهم إلى صانع منزّه عن جميع ذلك غير مشابه لهم في الصفات الإمكانيّة ، وإلاّ لكان هو أيضا مفتقرا إلى صانع ؛ لاشتراك علّة الافتقار.
قوله : « فقد حدّدته إذا أثبتّ وجوده » أي إثبات الوجود له يوجب التحديد ، إمّا بناء على توهّم أنّ كلّ موجود لا بدّ أن يكون محدودا بحدود جسمانيّة أو عقلانيّة ، أو باعتبار التحديد بوصف أنّه موجود ، أو باعتبار كونه محكوما عليه ، فيكون موجودا في الذهن محاطا به ، فأجاب عليهالسلام بأنّه لا يلزم أن يكون كلّ موجود جسما أو جسمانيّا حتّى يكون محدودا بحدود جسمانيّة ، ولا أن يكون مركّبا حتّى يكون محدودا بحدود عقلانيّة ، ولا يلزم كون حقيقته حاصلة في الذهن أو محدودة بصفة ؛ فإنّ الحكم لا يستدعي حصول الحقيقة في الذهن ، بل يكفيه التصوّر بوجه ما ، والوجود ليس من الصفات الموجودة المغايرة التي تحدّ بها الأشياء ، بل شيء يعتبر له بملاحظة آثاره.
ومنها : ما روي عن يوسف بن محمّد بن زياد وعليّ بن محمّد بن سيّار ، عن أبويهما ، عن الحسن بن عليّ بن محمّد عليهمالسلام في قول الله عزّ وجلّ : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فقال : « الله هو الذي يتألّه إليه عند الحوائج والشدائد كلّ مخلوق عند انقطاع الرجاء من كلّ من دونه وتقطّع الأسباب من جميع من سواه ، تقول : بسم الله ،