وأمّا السيّئات ، فلقبحها تقتضي صرف وجه التوفيق واللطف عنهم ، فهم أولى بها وإن كان الكلّ كسبهم ، كما يستفاد من كلمة « أولى » ؛ لأنّ اسم التفضيل يدلّ على ثبوت أصل الفعل في المفضّل عليه عند الإطلاق. إلى غير ذلك من الأخبار الآتية المثبتة للعدل ـ الذي هو مقابل الجور ـ والجبر معا ، وكون الأمر بين الأمرين ، كما سيأتي.
وصل
العدل في مقابل الجور من أصول الدين ، ومنكره من الكافرين.
فإن قلت : الكافر ـ بالكفر المقابل للإسلام ـ من أنكر الإلهيّة أو النبوّة أو شيئا ممّا علم بالضرورة أنّه من دين النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومنكر العدل ليس كذلك ؛ لأنّ الأشاعرة يقولون بالجبر المستلزم للجور ، فلا يكون العدل من أصول الدين ، وإلاّ يلزم تكفير الأشاعرة ، وهو خلاف المشهور المنصور.
قلت : الأشاعرة لا يقولون بالجور بمعنى الظلم ، كيف؟ وهم من أهل الكتاب ، والكتاب مصرّح بأنّ الله تعالى لا يظلم مثقال ذرّة.
نعم ، هم يقولون بالجبر ، واستلزامه للجور ليس سببا للكفر ؛ لأنّ السبب هو اعتقاد خلاف أصول الدين ونحوه ، لا الاعتقاد المستلزم له من غير اعتقاد به ، فلو قال أحد بأنّ الله تعالى جائر وظالم ، يحكم بكفره. وأمّا من قال : إنّه تعالى جائر يحمل العباد جبرا على أفعالهم ، فهو خارج عن المذهب ، لا الدين.
المقام الثاني
أنّ جميع أفعال الله تعالى كغيرها حسن بالحسن العقليّ ـ ولو لم يدركه العقل إلاّ بإرشاد النقل ـ كما يستفاد من العقل والنقل ، بمعنى أنّ حسن الأفعال وقبحها