الكاذب ، وفيه انسداد باب إثبات النبوّة (١).
قال : والجواب أنّ الإمكان العقليّ لا ينافي الجزم بعدم الوقوع أصلا كسائر العاديّات (٢).
وفيه الفرق بين الإمكان والقبح ، فهو ممكن لكنّه لم يقع ؛ لقبحه عقلا ولو بالاعتبار مضافا إلى الآيات والأخبار.
وتمسّك الأشاعرة بوجوه ذكرها في « شرح المقاصد » (٣) :
الأوّل : أنّه لو حسّن العقل أو قبّح ، لزم تعذيب تارك الواجب ومرتكب الحرام سواء ورد الشرع أم لا ـ بناء على أصلهم في وجوب تعذيب من استحقّه إذا مات غير تائب ـ واللازم باطل ، لقوله تعالى : ( وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) (٤).
الثاني : أنّه لو كان الحسن والقبح بالعقل ، لما كان من أفعال العباد حسنا ولا قبيحا عقلا ، واللازم باطل باعترافكم.
وجه اللزوم أنّ فعل العبد إمّا اضطراريّ وإمّا اتّفاقيّ ، ولا شيء منهما بحسن ولا قبيح عقلا.
أمّا الكبرى ، فبالاتّفاق. وأمّا الصغرى ، فلأنّ العبد إن لم يتمكّن من الترك فذاك ، وإن تمكّن فإن لم يتوقّف الفعل على مرجّح ، بل صدر منه تارة ولم يصدر أخرى ، كان اتّفاقيا ، على أنّه يفضي إلى الترجّح بلا مرجّح وفيه انسداد باب إثبات الصانع. وإن توقّف على مرجّح ، فذلك المرجّح إن كان من العبد ، ننقل الكلام إليه ويتسلسل ،
__________________
(١) وهذا أيضا الدليل السادس من أدلّة المعتزلة ، كما في « شرح المقاصد » ٤ : ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، وقد نقضه التفتازانيّ في « شرح المقاصد » ١ : ٢٩٢.
(٢) هذا جواب التفتازانيّ عن الدليل الرابع للمعتزلة ، كما في « شرح المقاصد » ٤ : ٢٩٣.
(٣) « شرح المقاصد » ٤ : ٢٨٤ ـ ٢٨٩.
(٤) الإسراء (١٧) : ١٥.