ومنها : ما تواتر معناه من الأحاديث الدالّة على كون كلّ كائن بتقدير الله ومشيئته (١) فجميعها متأوّل ، وقد ذكر العلماء تأويلها في المطوّلات ، ولها تأويل عامّ هو أنّ الفعل يجوز أن يسند إلى ما له مدخل في الجملة ، ولا شكّ أنّ الله تعالى مبدأ لجميع الممكنات ، ينتهي إليه الكلّ ؛ فلهذا السبب جاز استناد أفعال العباد إليه.
وأمّا الحصر عليه تعالى ـ كما يدلّ عليه بعض الآيات (٢) ـ فبحسب الادّعاء ؛ لأنّ الإقدار والتمكين وتيسير الأسباب لمّا كان منه تعالى فكأنّه هو الفاعل لا غير ، ومعارض بمثله من النصوص الدالّة على أنّ أفعال العباد بقدرتهم واختيارهم وهو أيضا أنواع :
منها : الآيات الصحيحة الصريحة في إسناد الألفاظ الموضوعة للإيجاد إلى العباد وهي : العمل ، كقوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ ) (٣) ( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا ) (٤) ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) (٥) ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها ) (٦).
والفعل ، كقوله تعالى : ( وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ ) (٧) ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) (٨).
والصنع ، كقوله تعالى : ( لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ ) (٩) ( وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ ) (١٠).
__________________
(١) الكافي ١ : ١٥٠ ـ ١٥٢ باب المشيئة والإرادة ؛ « التوحيد » : ٣٣٦ ـ ٣٤٤.
(٢) مرّ في ص ٤١٥.
(٣) فصّلت (٤١) : ٤٦ ؛ الجاثية (٤٥) : ١٥.
(٤) النجم (٥٣) : ٣١.
(٥) كما في البقرة (٢) : ٢٧٧ ويونس (١٠) : ٩ وغيرهما.
(٦) غافر (٤٠) : ٤٠.
(٧) البقرة (٢) : ١٩٧.
(٨) الحجّ (٢٢) : ٧.
(٩) المائدة (٥) : ٦٣.
(١٠) العنكبوت (٢٩) : ٤٥.