ولا يتّصف بها إلاّ المحالّ.
نعم ، لزمهم صحّة هذه التسمية بناء على أصلهم الفاسد في إطلاق المتكلّم على الله تعالى ؛ لإيجاده الكلام في بعض الأجسام.
واعلم أنّ المعتزلة لمّا أسندوا أفعال العباد إليهم ورأوا فيها ترتّبا ، ورأوا أيضا أنّ الفعل المترتّب على آخر يصدر عنهم وإن لم يقصدوا إليه ، فلم يمكنهم لهذا إسناد الفعل المترتّب إلى تأثير قدرتهم فيه ابتداء ؛ لتوقّفه على القصد ، قالوا بالتوليد (١) ، وهو أن يوجب فعل لفاعله فعلا آخر نحو حركة اليد وحركة المفتاح ؛ فإنّ الأولى منهما أوجبت لفاعلها الثانية سواء قصدها أو لم يقصدها ، فالأفعال عندهم تنقسم إلى مباشر ومتولّد ، فالفعل الحادث ابتداء من غير توسّط فعل آخر هو المباشر كحركة اليد ، والذي حدث بسبب فعل آخر هو المولّد كحركة المفتاح بسبب حركة اليد. واختلفوا في أنّ المولّد هل هو فعل العبد كالمباشر ، أو لا؟
فذهب المعتزلة إلى أنّه من فعلنا كالمباشر (٢).
وذهب الأشاعرة إلى أنّ المولّد من فعل الله (٣).
واختار المصنّف مذهب المعتزلة ، وقال : ( وحسن المدح ) على بعض الأفعال المولّدة ( و ) كذا حسن ( الذمّ على المتولّد ) من الأفعال ( يقتضي العلم بإضافته إلينا ).
قالت الأشاعرة : المتولّد غير مقدور لنا ؛ لأنّا لا نتمكّن من تركه ، لأنّه عند سببه ـ أعني الفعل الذي يترتّب هو عليه ـ يجب ، والواجب غير مقدور. والمعتزلة قالوا : هذا الوجوب إنّما يكون باختيار السبب ( والوجوب باختيار السبب وجوب لاحق ) لا ينافي الإمكان الذاتي ، فلا يكون منافيا لكونه مقدورا.
__________________
(١) « المغني في أبواب التوحيد والعدل » ٩ : ١١ وما بعدها ، ونقله عنهم في « شرح المواقف » ٨ : ١٥٩ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٢٧١ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٤٢.
(٢) « شرح الأصول الخمسة » : ٣٨٧ ـ ٣٩٠ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ١٥٩ ـ ١٦٨ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٢٧١ ـ ٢٧٣ ؛ « كشف المراد » : ٣١٤ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٤٢ ـ ٢٤٣.
(٣) نفس المصادر السابقة.