( والذمّ في إلقاء الصبيّ عليه ، لا على الإحراق ).
جواب اعتراض ربّما يورد على دليل المعتزلة ، فيقال : إنّ حسن الذمّ والمدح لا يدلّ على إسناد المتولّد إلينا ، وذلك لأنّ حسن الذمّ للمتولّد حاصل وإن علمنا إسناده إلى غيرنا ؛ فإنّا نذمّ على إلقاء الصبيّ في النار إذا أحرق بها مع أنّا نعلم أنّ المحرق غير الملقي.
وتقرير الجواب : أنّ الذمّ للإلقاء ، لا للإحراق ؛ فإنّ الإحراق عند الإلقاء حسن ؛ لما فيه من مراعاة العادة وعدم انتقاضها.
[ في القضاء والقدر ]
( والقضاء والقدر إن أريد بهما خلق الفعل لزم المحال ، أو الإلزام صحّ في الواجب خاصّة ، أو الإعلام صحّ مطلقا ).
اشتهر بين أكثر أهل الملل أنّ الحوادث بقضاء الله وقدره وهذا يتناول أفعال العباد ، فإن كان المراد بالقضاء والقدر هو الخلق ـ قال الله تعالى : ( فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ) (١) أي خلقهنّ. وقال الله تعالى : ( وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها ) (٢) أي خلقها ـ لزم المحال ـ أي كون أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ـ وهو باطل عند القدريّة.
وإن كان المراد بهما الإيجاب والإلزام ـ كما في قوله تعالى : ( وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ) (٣) ، وقوله تعالى : ( نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ ) (٤) ـ فيكون الواجبات بالقضاء والقدر دون البواقي. وهذا معنى قوله : صحّ في الواجب خاصّة.
وإن كان المراد بهما الإعلام والتبيين ـ كقوله تعالى : ( وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي
__________________
(١) فصّلت (٤١) : ١٢.
(٢) فصّلت (٤١) : ١٠.
(٣) الإسراء (١٧) : ٢٣.
(٤) الواقعة (٥٦) : ٦٠.