الشرع والمجازي ، وكرّرت عليهم حتّى يستحكم التذكّر بالتكرير ، فينبغي أن يكون الشارع داعيا إلى التصديق بوجود خالق عليم قدير ، وإلى الإيمان بشارع مرسل إليهم من عنده صادق ، وإلى الاعتراف بوعد ووعيد ، وثواب وعقاب أخرويّين ، وإلى القيام بعبادات يذكر فيها الخالق بنعوت جلاله ، وإلى الانقياد لسنّته التي يحتاج الناس إليها في معاملاتهم حتّى يستمرّ بذلك الدعوة إلى العدل المقيم لنظام أمور النوع.
وتلك السنّة ـ أعني الطريقة التي يسنّها الشارع ويدعو إليها العباد ـ استعمالها نافع في أمور ثلاثة :
الأوّل : رياضة القوى النفسانيّة بمنعها عن متابعة الشهوة والغضب المانعين عن توجّه النفس الناطقة إلى جناب القدس.
الثاني : إدامة النظر في الأمور العالية المقدّسة عن العوارض المادّيّة والكدورات الحسّيّة المؤدّية إلى ملاحظة الملكوت.
الثالث : تذكّر إنذارات الشارع ووعده للمحسن ووعيده للمسيء لإقامة العدل في الدنيا مع زيادة الأجر والثواب في الآخرة ، فهذا بيان حسن التكليف على رأي حكماء الإسلام.
( وواجب ؛ لزجره عن القبائح ) اختلفوا في أنّ التكليف واجب ، أم لا؟ فمنعه الأشاعرة بناء على أصلهم من عدم وجوب شيء على الله تعالى (١).
وأثبته المعتزلة (٢). واختاره المصنّف بأنّ التكليف زاجر عن ارتكاب القبائح ؛ لأنّ الإنسان بمقتضى طبعه يميل إلى الشهوات والمستلذّات ، فإذا علم أنّها حرام انزجر عنه ، والزجر عن القبائح واجب.
__________________
(١) « المحصّل » : ٤٨١ ـ ٤٨٣ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٣٢١ ـ ٣٣٤ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ١٩٦ ـ ٢٠٠.
(٢) « شرح الأصول الخمسة » : ٥٠٧ ـ ٥٢٥ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ؛ « قواعد المرام » : ١١٥ ـ ١١٦.