الألم إنّما يصير في حكم المنفعة إذا لم يكن طريق لتلك المنفعة إلاّ ذلك الألم ، ولو أمكن الوصول إلى المنفعة بدون الألم ، كان الألم ضررا وهو قبيح.
( ولا يشترط في الحسن اختيار المتألّم بالفعل ) أي لا يشترط في حسن الألم الواقع ابتداء من الله تعالى اختيار المتألّم العوض الزائد عليه بالفعل ؛ لأنّ اعتبار الاختيار إنّما يكون في النفع الذي يتفاوت فيه اختيار المتألّمين ، فأمّا النفع البالغ إلى حدّ لا يتفاوت فيه اختيار المتألّمين ؛ لكونه زائدا ، فهو حسن وإن لم يحصل الاختيار بالفعل ، وهذا هو العوض المستحقّ عليه تعالى.
( والعوض نفع مستحقّ خال عن تعظيم وإجلال ).
أراد أن يشير إلى عوض الألم الواقع ابتداء وأحكامه ، فقال : « العوض نفع مستحقّ خال عن تعظيم وإجلال » والنفع يجوز أن يقع تفضّلا من غير سابقة استحقاق ، ويجوز أن يقع بعد استحقاق ، فقوله : « مستحقّ » يخرج النفع المتفضّل ؛ فإنّه لا يكون عوضا. وقوله : « خال عن تعظيم وإجلال » يخرج الثواب.
( ويستحقّ عليه تعالى بإنزال الآلام ، وتفويت المنافع لمصلحة الغير ، وإنزال الغموم ـ سواء استندت إلى علم ضروريّ أو مكتسب أو ظنّ لا ما يستند إلى فعل العبد ـ وأمر عباده بالمضارّ أو إباحته ، وتمكين غير العاقل ، بخلاف الإحراق عند الإلقاء في النار والقتل عند شهادة الزور ).
أراد أن يشير إلى الوجوه التي يستحقّ بها العوض على الله تعالى :
منها : إنزال الآلام بالعبد كالمرض وغيره ؛ فإنّه يجب على الله تعالى عوضه ، وإلاّ لكان ظلما ، والظلم قبيح على الله تعالى.
ومنها : تفويت المنافع على العبد إذا كان التفويت من الله تعالى لمصلحة الغير ؛ لأنّه لا فرق بين إنزال المضارّ وتفويت المنافع.
ومنها : إنزال الغموم بأن يخلق الله تعالى أسباب الغمّ ؛ لأنّه بمنزلة الضرر سواء كان الغمّ مستندا إلى علم ضروريّ كنزول مصيبة أو وصول ألم ، أو مستندا إلى علم