مكتسب ؛ لأنّه تعالى هو الباعث على النظر ، فيكون الله تعالى سببا للغمّ ، فكان العوض عليه ، أو كان مستندا إلى ظنّ كأن يغتمّ عند أمارة وصول مضرّة أو فوات منفعة ؛ فإنّه هو الناصب لأمارة الظنّ ، فيكون الغمّ بسببه ، فيجب عليه تعالى العوض.
قوله : « لا ما يستند إلى فعل العبد » أي الغمّ المستند إلى العبد نفسه من غير سبب من الله تعالى لا عوض فيه على الله تعالى وذلك مثل أن يبحث العبد ، فيعتقد ـ جهلا ـ بنزول ضرر أو فوات منفعة ؛ لأنّه لا عوض فيه.
ومنها : أي من الوجوه التي يستحقّ بها العوض على الله تعالى أمر الله تعالى عباده بإيلام الحيوان أو إباحته سواء كان الأمر للإيجاب كالذبح للهدي والكفّارة والنذر ، أو الندب كالضحايا ؛ فإنّ العوض يجب على الله تعالى ؛ لأنّ الأمر بالإيلام يستلزم الحسن ، والألم إنّما يحسن إذا اشتمل على المنافع العظيمة البالغة في حدّ العظم (١) جدّا.
ومنها : تمكين غير العاقل مثل سباع الوحش للإيلام ؛ فإنّ العوض يجب على الله تعالى ؛ لأنّه مكّنه وجعله مائلا إلى الإيلام مع إمكان عدم الميل ، ولم يجعل له عقلا يميّز به الألم لحسن من الألم القبيح ، فكان ذلك بمنزلة الإغراء ، فيقبح منه أن لا يوصل إليه عوضا ، وهذا بخلاف الإحراق إذا ألقينا صبيّا في النار واحترق ، أو شهد أحدنا شهادة زور ، فقتل بسببها ؛ فإنّ العوض يجب علينا لا على الله.
أمّا إلقاء الصبيّ في النار ، فلأنّ فعل الألم واجب في الحكمة من حيث إجراء العادة ، والله قد منعنا من إلقائه ونهانا عنه ، فصار الملقي كأنّه أوصل الألم إليه ، فلذا يجب على الملقي العوض دونه. وأمّا شهادة الزور ، فلأنّ الشهود أوجبوا بشهادتهم على الإمام إيصال الألم من جهة الشرع فصاروا كأنّهم فعلوا.
( والانتصاف ) أي انتصاف المظلوم من الظالم ( واجب عليه ) أي على الله تعالى
__________________
(١) في المصدر : « في العظم جدّا ».