والغلاء ؛ فإنّ انحطاط العوض إنّما يكون رخصا إذا كان الانحطاط عمّا جرت العادة بكونه عوضا في ذلك الوقت وذلك المكان ، وكذا ارتفاع العوض إنّما يكون غلاء إذا كان الارتفاع عمّا جرت العادة بكونه عوضا في ذلك الوقت وذلك المكان.
وقد يستندان إلى الله تعالى بأن يقلّل جنس المتاع [ المعيّن ويكثّر رغبة الناس فيه فيحصل الغلاء ، أو يكثر جنس ذلك المتاع ] (١) ويقلّل رغبة الناس فيه فيحصل الرخص ( وقد يستندان أيضا إلينا ) (٢) كأن يحمل السلطان الناس على بيع تلك السلعة بثمن غال ظلما منه ، أو يحتكر الناس ، إلى غير ذلك من الأسباب المستندة إلينا ، فيحصل الغلاء ؛ والرخص بخلاف ذلك.
( والأصلح قد يجب على الله لوجود الداعي ) والقدرة (٣) ( وانتفاء الصارف ).
ذهب المعتزلة إلى أنّه يجب على الله تعالى ما هو أصلح لعباده (٤).
واستدلّوا على ذلك بأنّه يجب الفعل عند وجود الداعي والقدرة وانتفاء الصارف.
واعترض عليه بأنّ ذلك وجوب الفعل عنه ، بمعنى اللزوم عند تمام العلّة ، والمدّعى هو الوجوب عليه ، بمعنى استحقاق الذّمّ على الترك ، فأين هذا من ذلك؟
واعلم أنّ مفاسد هذا الباب أكثر من أن تعدّ وتحصى ولنذكر نبذا من ذلك :
منها : أنّ الأصلح بحال الكافر المبتلى بالأسقام والآفات أن لا يخلق ، أو يموت طفلا ، أو يسلب عنه عقله بعد البلوغ ، فلم لم يفعل الله ذلك بالنسبة إليه وأبقاه حتّى يفعل ما يوجب خلوده في النار؟
ومنها : أنّه يلزم منه أن يكون إماتة الأنبياء والأولياء والمرشدين ، وتبقية إبليس وذرّيّاته المضلّين إلى يوم الدين أصلح لعباده ، وكفى بهذا فظاعة.
__________________
(١) الزيادة أضفناها من المصدر.
(٢) في « كشف المراد » : « ويستندان إليه تعالى وإلينا أيضا ».
(٣) كلمة « والقدرة » غير موجودة في المصدر وفي « أ ».
(٤) « شرح الأصول الخمسة » : ٥٠٧ ـ ٥٢٥ ؛ « كشف المراد » : ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٦١ ـ ٢٦٢.