الثاني : أنّه هل يجب عليه تعالى فعل في الجملة أم لا؟ (١) قولان : الأوّل : مذهب الحكماء والمحقّقين من المتكلّمين. والثاني : مذهب الأشاعرة.
والثالث : أنّه هل يجب عليه تعالى الفعل دائما بسبب كونه مستندا إلى قدرته وإرادته التي هي عين الذات الموجب لكونه تعالى بالنظر إلى الإرادة المذكورة علّة تامّة يمتنع تخلّف المعلول عنها ، أو يجب في وقت متأخّر مقارن للمشيئة؟ قولان : الأوّل : مذهب الحكماء. والثاني : مذهب غيرهم.
[ المقدّمة ] الثانية : في بيان القدم والحدوث
اعلم أنّ الحدوث عبارة عن مسبوقيّة الوجود بالعدم المطلق. والقدم عبارة عن عدم مسبوقيّة الوجود بالعدم المطلق.
والقديم ـ الذي هو عبارة عن الموجود غير المسبوق بالعدم المطلق ـ منحصر في الواجب تعالى ، وجميع الممكنات حادثة مسبوقة بالعدم المطلق ، وإلاّ لكانت موجودة مع قطع النظر عن الغير ؛ إذ لو لم تكن كذلك لم تكن موجودة على الإطلاق ؛ لأنّ الموجود المطلق ما كان موجودا على جميع التقادير ، فلو لم تكن مع قطع النظر عن الغير موجودة لكانت معدومة ، فحينئذ يكون وجودها من الغير لا محالة ؛ إذ الذاتي لا يختلف ولا يتخلّف ، فذلك الوجود مسبوق بالعدم ، وإلاّ لم يكن قبوله من الغير ممكنا ؛ لامتناع تحصيل الحاصل ، وقد بيّنّا أنّ قبوله من الغير ممكن ، فيكون وجودها مسبوقا بالعدم المطلق ، وهو معنى الحدوث كما مرّ ، فجميع الممكنات حادثة بالحدوث الذاتي ، وهو المطلوب مع أنّه لا نزاع في ثبوته للممكنات ؛ فإنّ
__________________
(١) للاطّلاع على محلّ النزاع في المسألة انظر « الشفاء » الإلهيات : ١٧٢ ـ ١٧٣ ؛ « التعليقات » : ١٩ ـ ٢٠ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ١٥١ ؛ « المطالب العالية » ٣ : ٧٧ ـ ١٠٠ ؛ « المباحث المشرقية » ٢ : ٥١٧ ـ ٥١٨ ؛ « المحصّل » : ٣٧٢ ؛ « نقد المحصّل » : ١٦٣ ـ ١٦٥ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ١٣٢ ـ ١٣٧ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٠ ـ ١٦١ ؛ « أنوار الملكوت » : ٦١ ـ ٦٤ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٤٩ ـ ٥١ ؛ « اللوامع الإلهية » : ١١٨ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٨٢ ـ ١٨٧ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ١٠ ـ ١٥ ؛ « شوارق الإلهام » ٢ : ٥٠٠ ـ ٥٠٣.