جملة فإنّ آحادها موصوفة في الواقع بالسابقيّة والمسبوقيّة بأيّ نوع كان من السبق وغيرهما (١) من النسب الواقعيّة المتضايفة.
البرهان الثاني : برهان التضايف
وتقريره : لو تسلسلت العلل إلى غير النهاية لزم زيادة عدد المعلوليّة على عدد العلّيّة ، والتالي باطل.
بيان الملازمة : أنّ آحاد السلسلة ـ ما عدا المعلول الأخير ـ لها علّيّة ومعلوليّة ، فيتكافأ عددهما ويتساوى فيما سواه وبقيت معلوليّة المعلول الأخير زائدا ، فيزيد عدد المعلوليّات الحاصلة في السلسلة على عدد العلّيّات الواقعة فيها بواحد.
وهذا الدليل يجري في كلّ سلسلة يتحقّق فيها الإضافة في كلّ فرد منها في الواقع لا بحسب اختراع العقل. وجريانه في المقادير المتّصلة مشكل ؛ فإنّ إثبات إضافة في كلّ حدّ من الحدود المفروضة فيها في الواقع مشكل.
اللهمّ إلاّ أن يقال : كلّ جزء من أجزاء المقدار المتّصل متّصف في الواقع ـ لا بمجرّد الفرض ـ بصفات حقيقيّة يتّصف باعتبارها بالتقدّم والتأخّر بحسب الوضع وهما متضايفان حقيقيّان.
ويؤيّد ذلك أنّهم قد صرّحوا بانّ أجزاء الجسم موجودة في الواقع بوجود الكلّ ، وليست القسمة إيجادا للجزءين من كتم العدم بل تمييز وتعيين حدّ بين الجزءين الموجودين فيه.
وفيه : أنّه يلزم انتهاء أجزاء الجسم ، ويلزم الجزء الذي لا يتجزّأ.
ثمّ اعلم : أنّ هذا البرهان في التسلسل في أحد الجانبيين فقط ظاهر. وأمّا في التسلسل في الجانبين فقد يتوهّم عدم جريانه.
ودفعه أنّا إذا أخذنا معلولا معيّنا ، ثمّ تصاعدنا أو تسافلنا ، يجب أن يكون
__________________
(١) أي السابقيّة والمسبوقيّة.