العرضيّة ، أو المفسدة كذلك المقتضي لمشيئة الفعل أو الترك ، بمعنى كونه منشأ لصدور الفعل أو الترك بعد المشيئة مع القصد والشعور بسبب العلم المذكور ، وأنّه ممّا تنشأ منه المشيئة بمقتضى المصلحة أو المفسدة فإذا حصلت المشيئة ، حصل الفعل أو الترك ، فالمشيئة حادثة خارجة عن الذات تحدث بحدوثها على وفقها الممكنات ، فلا يكون حدوث الممكنات ـ ولو بعد انضمام الإرادة بالمعنى المذكور ـ لازما.
ولعلّهم جعلوا الإرادة بمعنى المشيئة ، ولكن لا يخفى أنّها بهذا المعنى أمر معنويّ لا يمكن أن تكون عين الذات للممكن ، فكيف الواجب تعالى.
وبالجملة ، فالكلام في أمرين آخرين :
[ الأمر ] الأوّل : أنّ تقدّم عدم الممكنات على وجودها تقدّم ذاتيّ كتقدّم بعض أجزاء الزمان على بعض كما عن المتكلّمين ، (١) أم ليس كذلك كما عن الحكماء (٢) بناء على أنّ تقدّم أجزاء الزمان أيضا زمانيّ والتقدّم الزمانيّ مطلقا مستلزم للزمان ، فيلزم أن يكون قبل وجود العالم زمان ، بل وحركة أيضا ؛ إذ منشأ عدم اجتماع المتأخّر مع المتقدّم في الوجود ، المعتبر في التقدّم الزماني عدم كونهما ممّا هو قارّ الذات وهو مخصوص بالزمان والحركة ، فيلزم تقدّم الحركة والزمان على العالم ، وهو بديهيّ البطلان.
والقول (٣) بأنّ تقدّم عدم الممكنات على وجودها تقدّم بالذات فاسد ؛ لأنّ التقدّم بالذات عندهم عبارة عن التقدّم بالعلّيّة ، وكيف يمكن كون عدمها علّة تامّة لوجودها!؟ فمرادهم أنّ العدم المقدّم على الوجود عدم ذاتيّ لا أنّ تقدّم ذلك العدم
__________________
(١) « الأربعين » ١ : ٢٥ ـ ٢٧ ؛ « المباحث المشرقيّة » ١ : ٢٢٧ ـ ٢٣٠ ؛ « المحصّل » : ٢١٥ ؛ « المطالب العالية » ٤ : ١٣ ـ ١٨ ؛ « نهاية المرام » ١ : ٢١٧ ـ ٢٢٤ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ١٩ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٤١ ـ ٤٥ ؛ « شوارق الإلهام » ١ : ١٠٠.
(٢) انظر « الشفاء » الإلهيّات : ٢٦٦ ؛ « النجاة » : ٢٢٢ ؛ « التحصيل » : ٥٢٤ ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » ٣ : ٨٢ ؛ « الأسفار الأربعة » ٣ : ٢٤٤.
(٣) تعريض بالحكماء. انظر « الحاشية على حاشية الخفري » للخوانساريّ : ١٠٠.