يوم صعب ، وقد انقلب منه كوكبان ، وانقدح من برجك النيران ، وليس من الحرب لك بمكان ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام :
« ويحك يا دهقان المنبئ بالآثار المحذّر من الأقدار! ما قصّة صاحب الميزان وقصّة صاحب السرطان؟ وكم المطالع من الأسد والساعات من المتحرّكات؟ وكم بين السواري والذراري؟ » قال : سأنظر وأومأ بيده إلى كمّه وأخرج منه أسطرلابا ينظر فيه ، فتبسّم عليهالسلام ، فقال : « أتدري ما حدث البارحة؟ وقع بيت بالصين ، وانفرج برج ماجين ، وسقط سور سرانديب ، وانهزم بطريق الروم بأرمينية ، وفقد دنّان اليهود بإيلة ، وهاج النمل بوادي النمل ، وهلك ملك إفريقية ، أكنت عالما بهذا؟ » فقال : لا يا أمير المؤمنين ، فقال : « البارحة سعد سبعون ألف عالم ، وولد في كلّ عالم سبعون ألفا ، والليلة يموت مثلهم ، وهذا منهم » وأومأ بيده إلى سعد بن مسعدة الحارثي ـ لعنه الله ـ وكان جاسوسا للخوارج في عسكر أمير المؤمنين ، فظنّ الملعون أنّه يقول : خذوه ، فأخذ بنفسه فمات.
فخرّ الدهقان ساجدا ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « ألم أرك من عين التوفيق؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين ، فقال : « أنا وصاحبي لا شرقيّ ولا غربيّ ، نحن ناشئة [ القطب ] (١) وأعلام الفلك ، وأمّا قولك : « انقدح من برجك النيران » فكان الواجب أن تحكم به لي ، لا عليّ ، أمّا نوره وضياؤه فعندي ، وأمّا حريقه ولهبه فذهب عنّي ، فهذه مسألة عميقة احسبها إن كنت حاسبا » (٢).
الفصل السابع : في حقيقة الملائكة وصفاتهم وشئونهم وأطوارهم
اعلم أنّه ذكر في هذا المقام أخبار :
منها : ما روي بالإسناد إلى أبي محمّد العسكريّ فيما احتجّ رسول الله به
__________________
(١) الزيادة أضفناها من المصدر.
(٢) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٦٢ ـ ٦٣.