فقال : « إنّ الريح مسجونة تحت هذا الركن الشامي ، فإذا أراد الله عزّ وجلّ أن يرسل منها شيئا أخرجه إمّا جنوبا فجنوب ، وإمّا شمالا فشمال ، وإمّا صباء فصباء وإمّا دبورا فدبور ـ ثمّ قال ـ : ومن آية ذلك أنّك لا تزال ترى هذا الركن متحرّكا أبدا في الشتاء والصيف ، والليل والنهار » (١).
ومنها : ما روي عن أبي عبد الله أنّه قال ـ بعد ما سئل : لم سمّيت ريح الشمال شمالا؟ قال ـ : « لأنّها تأتي عن شمال العرش » (٢).
ومنها : ما روي عن أحدهم : « الريح العقيم تحت هذه الأرض التي نحن عليها قد زمّت بسبعين ألف زمام من حديد ، وقد وكّل بكلّ زمام سبعون ألف ملك ، فلمّا سلّطها الله عزّ وجلّ على عاد ، استأذنت خزنة الريح ربّها عزّ وجلّ أن تخرج منها مثل منخري الثور ، ولو أذن الله لها ، لما ترك شيئا على ظهر الأرض إلاّ أحرقته ، فأوحى الله تعالى إلى خزنة الريح : أن أخرجوا منها مثل ثقب الخاتم ، فأهلكوا بها » (٣).
[ الأمر ] الثاني : في سبب الرياح وحدّها
قال في البحار : « قال الرازي : حدّ الريح أنّه هواء متحرّك ، فنقول : كون هذا الهواء متحرّكا ليس لذاته ولا للوازم ذاته ، وإلاّ لدامت الحركة بدوام ذاته ، فلا بدّ وأن يكون بتحريك الفاعل المختار وهو الله جلّ جلاله.
وقالت الفلاسفة : هاهنا سبب آخر هو أنّه يرتفع من الأرض أجزاء أرضيّة لطيفة مسخّنة تسخينا قويّا شديدا ، فبسبب تلك السخونة الشديدة ترتفع وتتصاعد ، فإذا وصلت إلى القرب من الفلك كان الهواء الملتصق بمقعّر الفلك متحرّكا على استدارة الفلك بالحركة المستديرة التي حصلت لتلك الطبقة من الهواء وهي تمنع هذه
__________________
(١) « الكافي » ٨ : ٢٧١ ، ح ٤٠١.
(٢) « علل الشرائع » ٢ : ٥٧٦ ، الباب ٣٨٢.
(٣) « علل الشرائع » ١ : ٣٣ ، الباب ٣٠ ، ح ١.