الفصل الخامس : في الجنّ
وفيه أمور :
[ الأمر ] الأوّل : في ماهيّة الجنّ.
اعلم : أنّه قد أفاد في البحار أنّه أطبق الكلّ على أنّه ليس الجنّ عبارة عن أشخاص جسمانيّة كثيفة تجيء وتذهب مثل الناس والبهائم ، بل القول المحصّل فيه قولان :
الأوّل : أنّها أجسام هوائيّة قادرة على التشكّل بأشكال مختلفة ، ولها عقول وأفهام وقدرة على أعمال صعبة شاقّة.
والقول الثاني : أنّ كثيرا من الناس أثبتوا موجودات غير متحيّزة ولا حالّة في المتحيّز ، وزعموا أنّها موجودات مجرّدة عن الجسميّة (١).
الأمر الثاني : في وجود الجنّ.
اعلم أنّه اختلفوا في وجوده وعدمه على قولين ، والحقّ وجوده.
ويدلّ على ذلك ـ مضافا إلى الآيات ـ أخبار.
منها : ما روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا أسري ، رأى عفريتا من الجنّ يطلبه بشعلة من نار كلّما التفت رآه ، فقال جبرئيل : ألا أعلّمك كلمات إذا قلتهنّ طفئت شعلته وصرفته؟ قل : أعوذ بوجه الله الكريم ، وبكلمات الله التامّات التي لا يجاوزهنّ برّ ولا فاجر من شرّ ما ينزل من السماء ، ومن شرّ ما يعرج فيها ، ومن شرّ ما ينزل إلى الأرض ، ومن شرّ ما يخرج منها ، ومن شرّ فتن الليل والنهار ، ومن شرّ طوارق الليل والنهار إلاّ طارقا يطرق بخير يا رحمن » (٢).
__________________
(١) انظر « بحار الأنوار » ٥٨ : ٨٦ وما بعدها.
(٢) « الموطّأ » ٢ : ٩٥١ ، ح ١٠ ؛ « بحار الأنوار » ٦٠ : ٣٢٩.