حذوه ، (١) وعدمها كما عن الأشاعرة ، (٢) فهي محلّ نزاع آخر بين المتكلّمين والملّيّين.
والحقّ مع المتكلّمين والملّيّين.
لنا على ذلك برهانان منحلاّن إلى براهين عقليّة ونقليّة.
أمّا البرهان العقلي ، فأمور :
منها : ما أشار إليه المصنّف رحمهالله بقوله : ( وجود العالم بعد عدمه ينفي الإيجاب ) بمعنى أنّه إن كان تأثير الواجب بالذات في وجود العالم بعد العدم بعديّة حقيقيّة لا على وجه القدم ، لما كان على وجه الإيجاب ، ولكن تأثيره تعالى فيه بعد العدم بعديّة حقيقيّة لا على وجه القدم ، فلا يكون على وجه الإيجاب ، بل يكون على وجه القدرة والاختيار ، فيكون صاحب القدرة ومختارا ، لا موجبا.
أمّا الملازمة : فلما أفاد الخفري من أنّ المناسب في هذا الكتاب (٣) أن يفسّر الإيجاب المذكور هاهنا بامتناع انفكاك ذاته تعالى عن إيجاد العالم مطلقا في الأزل ، (٤) فلو كان تأثيره تعالى في وجود العالم على وجه الإيجاب لزم قدم العالم بالضرورة ، وهو مناف لكون تأثيره تعالى فيه بعد العدم لا على وجه القدم بالضرورة ، فثبوت أحد المتنافيين ينفي ثبوت الآخر ؛ لاستحالة اجتماع النقيضين بالبديهة ،
__________________
(١) انظر : « شرح الأصول الخمسة » ١٣١ ـ ١٤٤ و ٣٠١ وما بعدها ؛ « المغني » ٦ : ٣ وما بعدها و ١٧٧ وما بعدها ؛ « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ٨٥ ـ ٨٨ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٦٠ ـ ٢٦٣ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥٠٣.
(٢) « شرح المواقف » ٨ : ١٩٥ ـ ٢٠٢ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٢٩٦ ـ ٣٠٦ و ٣٢١ و ٣٣٤ ؛ « مفتاح الباب » ١٦٧ ؛ « شوارق الإلهام » ٥٠٣.
(٣) يعني إذا كان وجوب الفعل عنه تعالى مع ضمّ العلم والإرادة متّفقا عليه بين المصنّف ومن يحذو حذوه وبين الحكماء وإن اختلفوا في أنّ الوجوب على وجه الدوام أو في وقت ما وكان عدم الوجوب بدون الانضمام أيضا متّفقا عليه بينهما ، ينبغي أن يفسّر الإيجاب بامتناع الانفكاك في الأزل ؛ لتعلّق علمه وإرادته ، فإذا ثبت حدوث العالم انتفى هذا الإيجاب بالضرورة ، فلا حاجة إلى الاستدلال الذي ذكره الشارح القوشجي.
نعم ، من أراد نفي الإيجاب بمعنى امتناع انفكاك الفعل عنه تعالى بالنظر إلى الذات يحتاج إليه. ( منه ).
(٤) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورق ٤ من المخطوطة.