الإلهيّة عليهم في أمر الدنيا والدين ، هذا إن جعل دالاّ على حال النبيّ.
وإن جعل مبيّنا لفعل الله تعالى ، يكون بمعنى بعث الله تعالى البشر المزبور ، أو جعله تعالى مبعوثا إلى المكلّفين لبيان أحكام الدين.
وبالجملة : فهي رئاسة إلهيّة بالأصالة للبشر المعصوم عندنا على المكلّفين كلاّ أو بعضا في أمر الدنيا والدين.
والمعنى التصديقي عبارة عمّا يجب تصديقه بالجنان وإقراره باللسان ، وهو أنّ نبيّنا محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد المناف المنتهي إلى عدنان ، رسول الله المبعوث إلى الإنس والجانّ مع المعجزات التي منها المعراج الجسماني ، وشقّ القمر ، والقرآن ، على سبيل اللزوم العقلي ، كسائر الأنبياء في سائر الأديان.
وهو بشر معصوم ـ كغيره من الأنبياء ـ عن العصيان والنسيان ، ومطهّر عن الذنوب والعيوب التي توجب تنفّر الإنسان ، وهو أفضل الأنبياء والمرسلين ، وخير الخلق أجمعين ، وأنّه خاتم النبيّين ، ودينه باق إلى يوم الدين ، وله إذن شفاعة العاصين ، بمعنى أنّ الله تعالى لمّا كان غنيّا مطلقا ، وخلق بمقتضى حكمته خلقا ، أحبّ أن بوصلهم بمقتضى الكرم إلى النعم ؛ لئلاّ يلزم العبث في إيجاد العالم.
ولمّا كان حكيما وجب أن يكون ما يتفضّل به جاريا على وفق الحكم ، فكلّف بما يحصل به الاستعداد لإيصال النعم ودفع النقم.
ولمّا لم يكن للكلّ علم بما فيه صلاحهم ، ولا قابليّة للتلقّي من الله بلا واسطة فرد من بني آدم ، وجب عقلا بمقتضى اللطف أن يختار من خلقه من كان قابلا للتلقّي من الله الخالق الحقّ ، والإلقاء إلى الخلق ؛ إتماما للغرض الأهمّ. ولا يتمّ ذلك إلاّ بالعصمة المعلومة بالمعجزة المصدّقة ، والتنزّه عمّا يوجب النفرة ؛ لئلاّ يكون للناس على الله حجّة ، فيجب بعث البشر المعصوم المخبر عن الله بنحو الوحي من غير اجتهاد ، المقترن بالمعجزة المصدّقة. فكلّ من ادّعى النبوّة الممكنة مع المعجزة المصدّقة فهو نبيّ بلا شبهة.