وقد تظافر وتواتر أنّه ظهر في مكّة محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وادّعى النبوّة ، وأظهر الله على يده المعجزة المصدّقة كالقرآن الذي عجز عن الإتيان بمثله جميع الأمّة ، فهو نبيّ بلا ريبة.
وحيث ادّعى ختم النبوّة ، وأخبر الله تعالى به أيضا في الآية الشريفة (١) فهو خاتم النبيّين ، ودينه باق إلى يوم الدين.
فالكلام في هذا الأصل ـ الذي هو من أعظم الأصول ـ يقع في خمسة فصول :
الأوّل : أنّ بعثة النبيّ ـ المخبر عن الله بنحو الوحي من غير اجتهاد ـ حسن بالحسن التامّ ، فيكون واجبا عقلا مع أنّه واقع نقلا. وهذا من أصول المذهب من جهة ، ومن أصول الدين من أخرى ، فيكون ردّا على الأشاعرة وأمثالهم (٢).
الثاني : أنّ النبيّ يجب أن يكون معصوما عن العصيان والنسيان ، بل عن جميع ما يوجب تنفّر الإنسان. وهو أيضا من أصول المذهب ، ردّا على العامّة (٣).
الثالث : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يجب أن يكون مع المعجزة المصدّقة ، ردّا على من أنكر الوجوب على الله تعالى.
الرابع : أنّ نبيّنا محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رسول الله المبعوث إلى الثقلين : الإنس والجانّ مع المعجزات التي منها المعراج الجسماني ، وشقّ القمر ، والقرآن. وهو من أصول الدين ، ردّا على كثير من الكافرين كاليهود والنصارى ، وأمثالهم من المعاندين الجاحدين.
وفي حكمهم من قال في دفع لزوم الخرق والالتئام في الأفلاك عند عروج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الصاعد كلّما صعد ألقى منه عند كلّ رتبة منها ، مثلا إذا أراد تجاوز كرة الهواء ألقى ما فيه من الهواء فيها ، وإذا أراد تجاوز كرة النار ألقى ما فيه منها فيها ، وإذا
__________________
(١) الأحزاب (٣٣) : ٤٠.
(٢) راجع « كشف المراد » : ٣٤٦.
(٣) المصدر السابق.