[ ما أفاده الفاضل الكاشاني في مقام الردّ على النصراني ]
منهم : العالم الربّاني ، الفاضل الكاشاني حيث أفاد في مقام الردّ على ذلك النصرانيّ الذي أورد على نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أشرنا إليه ، مع جوابه أمور :
منها : « أنّ نوع الإنسان الذي هو أشرف أنواع الأكوان مدنيّ بالطبع ، محتاج إلى التمدّن والاجتماع في المدينة والمكان ، ورفع كلّ لحاجة غيره في الغذاء ، واللباس ، والمسكن ، ودفع الأسقام بالأدوية البسيطة ، أو المركّبة وأمثال ذلك من أمور المعاش والمعاد ، وحيث كان التركّب من القوى البهيميّة السبعيّة والملكيّة موجبا للتشاجر والجدال ، والقيل والقال ، والنزاع والقتال ، ونهب الأموال ، وأسر النساء والأطفال ، ونحو ذلك من أسباب الاختلال ، كان اللازم على الحكيم المتعال بحكم صريح العقل من تعيين مقنّن القوانين ، الرادع للاضمحلال ، حذرا عمّا ينافي الغرض من خلق العالم السافل والعال ، وذلك في كمال الظهور وأظهر من الشمس وأبين من الأمس ، بل كأنّه محسوس بالحواسّ الخمس ، مضافا إلى إجماع جميع أهل الملل على بعث الرسل وإنزال الكتب للإرشاد إلى السبل والتكاليف المعاشيّة والمعاديّة التي لا يمكن بيانها إلاّ من قبل الله بلسان رسول من الله ، كما لا يخفى » (١).
« والإيراد ـ بأنّ نصب الرئيس إنّما يحتاج إليه عند عدم الإحاطة وعدم التمكّن على حفظ الكلّ بنفسه ، وأمّا بالنسبة إلى العالم القدير المحيط المسلّط على الكلّ فلا ـ مدفوع بأنّ النقص من القابل ؛ لعدم قابليّة الكلّ للتلقّي من الله بلا واسطة كما هو المشاهد المحسوس المعلوم بالوجدان والعيان ، فلا بدّ من الرئيس المطاع الرافع للقتال والنزاع ؛ حذرا عمّا ينافي الغرض من الصنع والإبداع وهو الاستعداد لنعيم الآخرة المترتّب على المعرفة والطاعة الموقوفتين على نظم أمر المعيشة ، وقد اعترف بما ذكرنا النصرانيّ المشار إليه بالنسبة إلى أمثال موسى وعيسى ، والتوراة
__________________
(١) « سيف الأمّة » : ٤٥ ـ ٤٦ ، طبعة حجريّة.