الذي دعاكم إلى تجشّم فعل هذه الصلاة التي لم تكن في زمن نبيّكم ، ولا أنّها في كتابكم؟.
فانقطعوا عن الجواب وضحك كبيرهم ممّا اتّفق من معارضاتهم في مجلس واحد.
ثمّ قال : ليس في القرآن تفصيل للصلاة التي تصلّونها أنتم يا معشر المسلمين فكيف عرفتم ذلك مع خلوّه عنه؟
فأجاب السيّد : إنّ الصلاة مذكورة في عدّة مواضع من القرآن وقد عرفنا أعدادها وقبلتها ، وكثيرا من أحكامها من القرآن ، وعلمنا سائر أحكامها وشرائطها من البيانات النبويّة ، والأخبار المتواترة ـ إلى أن قال كبيرهم ـ : كيف لا تحكمون يا معاشر المسلمين بحكم التوراة وفي القرآن : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) (١)؟.
فقال السيّد : إنّه لمّا ثبت عندنا نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ونسخه للشرائع السابقة ، كان الواجب علينا اتّباع هذه الشريعة الناسخة دون الشرائع المنسوخة ، فهذا مثل ما وجب عليكم من اتّباع شريعة موسى عليهالسلام والعمل بما في التوراة دون ما تقدّمها من الأديان ، وقد بقي جملة من أحكام التوراة لم تنسخ كأحكام الجراح والقصاص وغيرهما ، فنحن نحكم بها ؛ لوجودها في القرآن لا لوجودها في التوراة.
فقال : ما معنى قوله : ( ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها ) (٢) ، وأيّ فرق بين النسخ والإنساء؟ وما الفائدة في نسخ الشيء والإتيان بمثله؟
فقال السيّد : الفرق بين النسخ والإنساء أنّ النسخ رفع الحكم ، وإن بقي لفظه والإنساء رفع لفظه الدالّ عليه. وإنساؤه : محوه من الخاطر بالكلّيّة.
__________________
(١) المائدة (٥) : ٤٤.
(٢) البقرة (٢) : ١٠٦.