ومن ذلك في أسرار مولده : إنّ الملك سيف بن ذي يزن قال لعبد المطّلب رضياللهعنه : إنّي لأجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون أنّه إذا ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم الزعامة إلى يوم القيامة ، يموت أبوه وأمّه ويكفّله جدّه وعمّه ، وولد في عام الفيل وتوفّي أبوه وهو ابن شهرين ، وماتت أمّه وهو ابن أربع سنين ، ومات عبد المطّلب وهو أبو ثمان سنين وكفّله عمّه أبو طالب عليهالسلام. (١)
ومن كراماته صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ أبا ذر رضي الله لمّا جاء إليه وأسلم على يده ، قال له : « ارجع إلى بلادك فإنّ ابن عمّك قد مات ، وقد خلّف مالا فاحتو عليه والبث في بلادك إلى وقت كذا وأتني ». فرجع إلى اليمن فوجد كما أخبره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاحتوى على المال ، وبقي في بلاده حتّى ظهر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأتى إليه. (٢)
ومن ذلك ما رواه وهب بن منبّه ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لمّا عرج بي إلى السماء ناداني ربّي جلّ جلاله : يا محمّد ، إنّي أقسمت بي وأنا الذي لا إله إلاّ أنا إنّي أدخل الجنّة جميع أمّتك إلاّ من أبى ، فقلت : ربّي ومن يأبى دخول الجنّة؟
فقال : إنّي اخترتك نبيّا ، واخترت عليّا وليّا ، ومن أبى عن ولايته فقد أبى عن دخول الجنّة ؛ لأنّ الجنّة لا يدخلها إلاّ محبّه ، وهي محرّمة على الأنبياء حتّى تدخلها أنت وعليّ وفاطمة وعترتهم وشيعتهم ، فسجدت لله شكرا ، ثمّ قال لي : يا محمّد ، إنّ عليّا هو الخليفة بعدك وإنّ قوما من أمّتك يخالفوه ، وإنّ الجنّة محرّمة على من خالفه وعاداه وبشّر عليّا أنّ له هذه الكرامة منّي ، وإنّي سأخرج من صلبه أحد عشر نقيبا منهم سيّد يصلّي خلفه المسيح بن مريم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
فقلت : ربّي متى يكون ذلك؟ فقال : إذا رفع العلم ، وكثر الجهل ، وكثر القرّاء وقلّ العلماء ، وقلّ الفقهاء ، وكثر الشعراء ، وكثر الجور والفساد ، واكتفى الرجال بالرجال ،
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق.