الفصل الثالث : في الأعلميّة والأفضليّة
بمعنى أنّ الإمام يجب أن يكون أعلم عصره وأفضل من غيره في العلم والعمل ونحوهما من الفضائل النفسانيّة والبدنيّة ، كالشجاعة وغيرها ، ممّا له دخل في الرئاسة العامّة في أمر الدنيا والدين ، وإتمام الحجّة على المكلّفين ودفع شبه الملحدين وإبطال إضلال المضلّين بسبب العلم بأديانهم ولغاتهم ، ونحو ذلك ممّا له دخل في إحقاق الحقّ وإبطال الباطل ، فإنّ ذلك من أصول المذهب ردّا على العامّة ؛ لأنّ ذلك لطف واجب على الله تعالى ، مضافا إلى قبح تقديم المفضول ، بل عدم تعقّل أن يقال للعالم أن يتعلّم من الجاهل ؛ فإنّه ـ مع أنّه تحصيل للحاصل ـ غير معقول ، وكذا تقديم أحد المتساويين ؛ لمثل ما ذكر ، مع أنّه يستلزم الاختلاف وعدم قبول الطباع وعدم إتمام الحجّة.
وإلى مثل ما ذكرنا أشار المصنّف بقوله : ( وقبح تقديم المفضول معلوم ولا ترجيح في التساوي ) ويطابقه قوله تعالى : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى ) (١) ، وقوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (٢) ، وقوله
__________________
(١) القصص (٢٨) : ٦٨.
(٢) الأنبياء (٢١) : ٧.