تعالى : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) (١) ، إلى غير ذلك من الأدلّة النقليّة.
فإن قلت : إذا كان المفضول موصوفا بصفات يصلح بسببها لأن يقوم بأمر الإمامة لا يقبح تقديمه لا عقلا ولا شرعا.
وأيضا الإمامة منصب من المناصب الشرعيّة كالإمامة في الصلاة ، فلو امتنعت إمامة المفضول مع وجود الفاضل ، لكانت إمامة المفضول في الصلاة ممتنعة مع وجود الفاضل ، والتالي باطل بالإجماع.
بيان الملازمة : أنّ الامتناع إنّما كان لقبح تقديم الأدنى على الأعلى والنفرة المانعة من المتابعة ، ويلزم من ذلك امتناع تقديم المفضول على الفاضل في الصلاة.
وأيضا لو لم يوجد من أهل الإمامة إلاّ شخصان أحدهما أفقه ، والآخر أعرف بالسياسة وأمور الإمامة فإمّا أن يجعل كلاّ منهما إماما أو يجعل أحدهما دون الآخر أو لا هذا ولا ذاك.
والأوّل محال بالاتّفاق ، والثالث أيضا باطل ؛ لامتناع خلوّ الزمان عن الإمام ، فلم يبق إلاّ القسم الثاني ، وأيّا ما كان يلزم [ تقديم ] المفضول بالنسبة إلى ما اختصّ به الآخر.
قلت : هذا خروج عن المفروض ؛ لأنّ الأعلم والأفضل الذي لا بدّ من إيجاده من باب اللطف الواجب على الله ـ كما مرّ ـ لا بدّ أن يكون متّصفا بجميع الصفات الكاملة مع الزيادة على غيره في العلم والعمل ونحوهما ـ كما أشرنا ـ فيندفع الأوّل والثالث.
وأمّا الثاني فدفعه واضح ؛ لكمال الفرق بين الرئاسة العامّة على الكلّ في العلم والعمل وبين الرئاسة الخاصّة ، كالسلطنة والإمامة في الصلاة ، فهو قياس مع الفارق ، وهو باطل عند أهله ، مضافا إلى أنّه اجتهاد في مقابل نصّ القرآن.
وصل : هذا الاعتقاد من أصول المذهب ـ كما أشرنا إليه ـ والمخالف كالعامّة بريء منه أصل المذهب.
__________________
(١) الزمر (٣٩) : ٩.