الفصل الرابع : في المنصوبيّة والمنصوصيّة
بمعنى أنّ الإمام يجب أن يكون منصوبا منصوصا من الله ورسوله ، كما أشرنا إليه بقوله : ( والعصمة تقتضي النصّ وسيرته ). بمعنى أنّ العصمة المعتبرة في الإمام من الأمور الخفيّة التي لا يعلمها إلاّ عالم السرائر ، فيجب أن يكون الإمام منصوصا من عند الله.
وأيضا سيرة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وطريقته تقتضي التنصيص بالإمام ؛ لأنّه كان أشفق للأمّة من الوالد لولده ؛ ولهذا لم يقصّر في إرشاد أمور جزئيّة مثل ما يتعلّق بالاستنجاء وقضاء الحاجة ، وكان في غاية الحرص في الهداية ، وكان إذا سافر عن المدينة يوما أو يومين استخلف فيها من يقوم بأمر المسلمين ، فمن هو بهذه المثابة من الإشفاق كيف يهمل أمرهم فيما هو أهمّ المهمّات ولا ينصّ على من يتولّى أمرهم بعده؟!
فيجب أن يكون الإمام منصوصا عليه ـ كما هو مذهب الإماميّة ـ خلافا للعامّة والعبّاسيّة والزيديّة وأمثالهم ؛ فإنّ المحكيّ عن العبّاسيّة : أنّ الطريق إلى تعيين الإمام النصّ أو الميراث. وعن الزيديّة : أنّ تعيين الإمام بالنصّ أو الدعوة إلى نفسه. وعن باقي المسلمين : أنّ الطريق إنّما هو النصّ أو باعتبار أهل الحلّ والعقد بمعنى أنّ اختيار الأمّة أيضا طريق في إثبات الإمامة. (١)
__________________
(١) انظر « شرح المقاصد » ٥ : ٢٣٢ وما بعدها ؛ « الأربعين في أصول الدين » للفخر الرازي : ٢٥٥ وما بعدها.