وانتشر الجور من الأئمّة والأمراء بعد الخلفاء ، والسلف كانوا ينقادون لهم ويقيمون الجمع والأعياد بإذنهم. (١)
وعن بعضهم أنّه قال : لا يحدّ الإمام حدّ الشرب ؛ لأنّه نائب من الله. (٢)
ولا ريب في فساد جميع ذلك كما يظهر ممّا سبق. وبالجملة فالحقّ هو المذهب الثالث.
لنا : كلّ واحد من الطرق الخمسة فهو في فصول خمسة :
فصل [١] : في طريق العصمة.
فنقول : أمّا طريقة العصمة فلأنّ الإمام يجب أن يكون معصوما ؛ لما مرّ ، وليس بين الثلاثة معصوم إلاّ عليّ بن أبي طالب بالاتّفاق من الشيعة والعامّة ؛ ولأنّ عدم عصمة غيره قطعيّ ، فلو لم يكن هو أيضا معصوما لزم عدم تحقّق الإمام المنافي لوجوب اللطف ، ولا أقلّ من كون عصمته قطعيّا وعدم كون عصمة غيره كذلك ( فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (٣).
ويؤيّد ذلك أنّ فواتح السور إذا حذفت مكرّراتها تكون مشتملة على حروف « صراط عليّ حقّ نمسكه » أو « عليّ صراط حقّ نمسكه » سيّما أنّ غيره كان مسبوقا بالكفر فكان ظالما ، فلا يكون قابلا للإمامة كما قال تعالى : ( لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (٤) ؛ إذ المراد من كان ظالما سابقا وإلاّ لم يتطابق السؤال والجواب ؛ لقبح سؤال إبراهيم عن جعل الله من كان ظالما إماما في حال ظلمه ؛ لأنّه لا يتصوّر عن عاقل فضلا عن رسول عظيم ، بخلاف عليّ بن أبي طالب فإنّه أسلم حين الصبا فلم يسبق بالكفر.
__________________
(١) « روضة الطالبين » للنووي ٥ : ٤١٠ ؛ « تفسير ابن كثير » ١ : ٧٦ ؛ « المبسوط » للسرخسي ٩ : ١٠٥.
(٢) « روضة الطالبين » للنووي ٥ : ٤١٠ ؛ « تفسير ابن كثير » ١ : ٧٦ ؛ « المبسوط » للسرخسي ٩ : ١٠٥.
(٣) الأنعام (٦) : ٨١.
(٤) البقرة (٢) : ١٢٤.