تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (١).
وجه الاستدلال : أنّ الآية نزلت حين منازعة وفد نجران من النصارى مع رسول الله في أمر عيسى من جهة تولّده من غير أب ، فلمّا دعاهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المباهلة استنظروه إلى صبيحة غد من يومهم ذلك فلمّا رجعوا إلى رجالهم قال لهم الأسقف : انظروا محمّدا في غد فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنّه على غير شيء ، فلمّا كان من الغد جاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم آخذا بيد عليّ عليهالسلام والحسن والحسين بين يديه يمشيان وفاطمة تمشي خلفه ، وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم فلمّا رأى النبيّ قد أقبل بمن معه سأل عنهم فقيل له : هذا ابن عمّه وزوج ابنته وأحبّ الخلق إليه ، وهذان ابنا بنته من عليّ ، وهذه الجارية بنته فاطمة أعزّ الناس عليه وأقربهم إلى قلبه.
وتقدّم رسول الله فجثا على ركبتيه فقال أبو حارثة الأسقف : جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة فكعّ (٢) ولم يقدم على المباهلة ، فقال له السيّد : ادن يا با حارثة للمباهلة فقال : لا إنّي أرى رجلا جريئا على المباهلة ، وإنّي أخاف أن يكون صادقا ، ولئن كان صادقا لم يحل والله علينا الحول وفي الدنيا نصرانيّ يطعم الماء ، فقال الأسقف : يا أبا القاسم ، إنّا لا نباهلك ولكن نصالحك فصالحنا على ما ننهض به ، فصالحهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ألفي حلّة من حلل الأواقي ، قيمة كلّ حلّة أربعون درهما فما زاد أو نقص فعلى حساب ذلك ، وعلى عارية ثلاثين درعا وثلاثين رمحا وثلاثين فرسا إن كان باليمن كيد ورسول الله ضامن حتّى يؤدّيها ، وكتب لهم كتابا (٣) ، كذا روي.
__________________
(١) آل عمران (٣) : ٦١.
(٢) أي ضعف وجبن.
(٣) « مجمع البيان » ٢ : ٣٠٩ ـ ٣١٠ ، ذيل الآية ٦١ من سورة آل عمران (٣).