والخامس : أنّ العاقل إذا لاحظ كون عليّ عليهالسلام موصوفا بمثل هذا الوصف الذي لم ينكره أحد من العامّة والخاصّة وكون غيره ممّن اختلف فيه يحكم عقله بأخذ عليّا عليهالسلام إماما حتّى كأنّه يقول : أيّ الفريقين أحقّ بالأمن؟ إذ لا وجه للجمع بين المتباينين وتأخير قطعي القابليّة.
وبالجملة : فالإيراد بأنّه لا وجه لتساوي عليّ عليهالسلام مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أنّه أفضل الأنبياء وغيرهم ، وعليّ عليهالسلام من جملة المفضولين ، وأنّه خاتم الأنبياء ، وليس تلك الصفة موجودة في عليّ عليهالسلام مدفوع بما أشرنا إليه من أنّ ما خرج بالدليل خارج عن المراد ، مع أنّ إفادة التساوي كناية عن كمال القرب والاتّحاد كما هو شائع في العرف.
ويؤيّد ما ذكرنا ما حكي عن بعض أهل السنّة من أنّ عليّا عليهالسلام قال يوم الشورى : « أحلفكم بالله هل يكون منكم من يكون أقرب إلى الرسول منّي وقد جعل الرسول نفسه نفسه وأبناءه أبناءه وامرأته امرأته؟ » فقالوا : « اللهمّ لا » ، فتصديقهم واعترافهم بكونه عليهالسلام أقربهم إلى الرسول دليل على فساد مذهبهم.
وقد فسّر البيضاوي الآية بقوله : « أي يدع كلّ منّا ومنكم نفسه وأعزّة أهله وألصقهم بقلبه إلى المباهلة ».
ثمّ قال : « وهو دليل على نبوّته وفضل من أتى بهم من أهل بيته » (١). فاعترف بفضل أمير المؤمنين.
والشارح القوشجي مع كمال عصبيّته وذكر الأجوبة الواهية عن كلّ دليل لم ينكر تلك الآية ولم يذكر للاستدلال بها جوابا.
وعن صاحب الكشّاف أنّه قال : « وفيه دليل لا أبين ولا أقوى منه على فضل أصحاب الكساء » (٢) ، فالمنكر مكابر وفي الحقيقة كافر.
__________________
(١) « تفسير البيضاوي » ١ : ٢٦٦ ذيل الآية ٦١ من سورة آل عمران (٣).
(٢) « الكشّاف » ١ : ٣٧٠ ذيل الآية ٦١ من سورة آل عمران (٣).