[٣] ومنها : قوله تعالى : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) ، فإنّها نزلت في شأن عليّ عليهالسلام وفاطمة والحسنين بالإجماع المحكيّ عن مفسّري الشيعة وأهل السنّة. (٢)
وقد حكي عن مسند ابن حنبل وصحيح مسلم وأبي داود أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ذات يوم نائما في حجرة أمّ سلمة ، فدخل الحسنان وجلسا عنده ، فجاءت فاطمة عليهاالسلام فجاء عليّ عليهالسلام فجلسا عنده ، ولمّا استيقظ ورآهم مجتمعين فرح ، فأجلس الحسنين على حجره ، وقرّب عليّا وفاطمة إلى نفسه بحيث اتّصلا به ، فألقى عباءة الخيبريّ عليهم وقال : « اللهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهل بيت ، وهؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا » (٣) ، فنزل جبرئيل بهذه الآية.
فيستفاد منها كون عليّ عليهالسلام [ من ] أهل بيت الرسول ، وطاهر [ من ] دنس المعاصي وأرجاس العلائق الدنيويّة والحقد والحسد ، وغير ذلك ممّا يوجب البعد عن الله تعالى ، ويكون من مقتضى طباع غالب الناس على وجه الاختيار وإن لم يكن موجودا في أهل البيت عليهمالسلام ، فتدلّ الآية على عصمة عليّ عليهالسلام فيكون هو الأولى بالخلافة.
فإن قلت : إنّ الآية واردة في تلو المخاطبة مع أزواج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فلا بدّ أن تكون واردة في شأنها ، وتذكير الضمير يوجب إدخال جميع أهل البيت من الرجال ، أعني عليّا والحسنين والنساء.
قلت أوّلا : إنّ ما ذكر أيضا مثبت لما هو المرام من دلالة الآية على رجحان عليّ عليهالسلام على غيره من الصحابة.
وثانيا : إنّ الوقوع في التلو لا يقتضي كون اللاحق في حقّ من له السابق ؛ إذ الآيات يكون بعضها في مورد وبعضها في مورد آخر.
__________________
(١) الأحزاب (٣٣) : ٣٣.
(٢) « مجمع البيان » ٨ : ١٥٦ ـ ١٥٨ ذيل الآية ٣٣ من سورة الأحزاب (٣٣).
(٣) « الطرائف » : ١٢٥ و ١٢٩ و ١٣٠.