للإضلال العامّ كما أبطل سحر فرعون بابتلاع عصا موسى.
فالمعجزة صادرة بمجرّد إرادة الله بلا توسّط سبب من الأسباب العاديّة ، ولهذا إذا اقترنت بالدعوى المذكورة وكانت مطابقة لها تدلّ على صدق المدّعى.
ووجه انحصار طريق معرفة صدق النبيّ صلىاللهعليهوآله فيها أنّ دعوى النبوّة ـ مثلا ـ ادّعاء خصوصيّة موهبيّة لا كسبيّة ، ولا اطّلاع للعقل بسببها ، فلا يمكن له الاستدلال اللمّي ، فلا بدّ له من البرهان الإنّي الذي هو الاستدلال من الأثر إلى المؤثّر ، ولا بدّ أن يكون لذلك الأثر اختصاص تامّ بذلك المؤثّر حتّى يدلّ عليه. ولمّا كان النبيّ صلىاللهعليهوآله بشرا لم يميّز من غيره إلاّ باستجماع الكمالات الذي هو أعمّ من النبوّة لا بدّ أن يكون له أثر مخصوص به من حيث إنّه نبيّ ، وليس ذلك المعجزة المقترنة المطابقة لدعواه ، فانحصر طريق إثبات النبوّة ونحوها في المعجزة إمّا بلا واسطة ، أو بواسطة كما في صورة بيان النبيّ صلىاللهعليهوآله لنبيّ آخر ، أو نحوه.
والحاصل : أنّ المعجزة أمر واقعيّ خارج عن العادة ، بسبب كونه بلا توسّط سبب أرضيّ ، أو سماويّ أو مركّب ، وكونه ممّا لا يتمكّن الخلق على تحصيلها بالتكسّب والتعلّم ونحو ذلك ـ كما في الحوادث العاديّة المسبّبة عن سبب من تلك الأسباب جليّا كان السبب ، أو خفيّا ـ موجبا للاشتباه بخارق العادة في أمثال الشعبذة ، مع كون ذلك الأمر الخارق للعادة مقترنا بادّعاء نحو النبوّة الممكنة مطابقا له ، فيمتاز عن « الإرهاص » و « الكرامة » و « السحر » مفهوما ومصداقا.
وأنّ الحوادث المحسوسة إمّا وهميّة وخياليّة محضة ، أو واقعيّة ، والأولى قسم من السحر ، والثانية إمّا مسبّبة عن سبب أرضيّ ، أو سماويّ ، أو مركّب ، أو لا ، والأولى تسمّى بالعاديّة وهي قد تكون مسبّبة عن سبب خفيّ ، والثانية أيضا قسم من السحر.
وغير المسبّبة إمّا أن تكون لصاحب الرئاسة الإلهيّة أم لا ، وعلى الثاني تسمّى « كرامة ». وعلى الأوّل إمّا أن تكون قبل الادّعاء أو تكون مقترنة بالادّعاء ، وعلى