بيان ذلك أنّها نزلت باتّفاق المفسّرين في عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته ، وكلمة « إنّما » للحصر بشهادة النقل والاستعمال ، و « الوليّ » كما جاء بمعنى الناصر فقد جاء بمعنى المتصرّف والأولى والأحقّ بذلك ، كما يقال : أخو المرأة وليّها والسلطان وليّ من لا وليّ له وفلان وليّ الدم. وهذا هو المراد هاهنا ؛ لأنّ الولاية بمعنى النصرة يعمّ جميع المؤمنين لقوله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (١) ، فلا يصحّ حصرها بالمؤمنين الموصوفين بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة حال الركوع والتصرّف من المؤمنين في أمر الإمامة بكونه هو الإمام ، فتعيّن عليّ لذلك ؛ إذ لم توجد الصفات في غيره.
وأجيب بمنع كون الوليّ بمعنى المتصرّف في أمر الدين والدنيا والأحقّ بذلك على ما هو خاصّة الإمام بل الناصر والمولى والمجيب على ما يناسب ما قبل الآية وهو مثل قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (٢) ، وولاية اليهود والنصارى المنهيّ عن اتّخاذها ليست عليل التصرّف والإمامة بل النصرة والمحبّة وما بعدها وهو قوله : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) (٣) ؛ فانّ التولّي هاهنا بمعنى المحبّة والنصرة دون الإمامة ، فيجب أن يحمل ما بينهما أيضا على النصرة ليلائم أجزاء الكلام.
على أنّ الحصر إنّما يكون نفيا لما وقع فيه تردّد ونزاع ، ولا خفاء في أنّ ذلك عند نزول الآية لم يكن في إمامة الأئمّة الثلاثة.
وأيضا ظاهر الآية ثبوت الدلالة بالفعل في الحال ولا شبهة في أنّ إمامة عليّ عليهالسلام إنّما كانت بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله والقول بأنّه كانت له ولاية التصرّف في أمر المسلمين في
__________________
(١) التوبة (٩) : ٧١.
(٢) المائدة (٥) : ٥١.
(٣) المائدة (٥) : ٥٦.