حياة النبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا مكابرة. وصرف الآية إلى ما يكون في المآل دون الحال لا يستقيم في حقّ الله سبحانه ورسوله صلىاللهعليهوآله .
وأيضا و ( الَّذِينَ آمَنُوا ) صيغة جمع فلا يصرف إلى الواحد إلاّ بدليل. وقول المفسّرين : إنّ الآية نزلت في حقّ عليّ عليهالسلام لا يقتضي اختصاصها به واقتصارها عليه.
ودعوى انحصار الأوصاف فيه مبنيّة على جعل ( وَهُمْ راكِعُونَ ) حالا من ضمير ( يُؤْتُونَ ) وليس بلازم ، بل يحتمل العطف بمعنى أنّهم يركعون في صلاتهم لا كصلاة اليهود خالية عن الركوع أو بمعنى أنّهم خاضعون.
( ولحديث الغدير المتواتر )
بيانه : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد جمع الناس يوم غدير خمّ ـ موضع بين مكّة والمدينة بالجحفة ـ وذلك بعد رجوعه عن حجّة الوداع وجمع الرحال وصعد عليها وقال مخاطبا : يا معاشر المسلمين ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى ، قال : « فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله » (١). وهذا الحديث أورده عليّ يوم الشورى عند ما حاول ذكر فضائله ولفظ « المولى » قد يراد به المعتق ، والمعتق ، والحليف ، والجار ، وابن العمّ ، والناصر ، والأولى بالتصرّف قال الله تعالى : ( وَمَأْواكُمُ النَّارُ ) (٢) هي تولاّكم هي أولى بكم ، ذكره أبو عبيدة.
وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أيّما امرأة نكحت بغير إذن مولاها » (٣) ـ أي الأولى بها في التصرّف والمالك لتدبير أمرها ـ ومثله في الشعر كثير.
وبالجملة ، استعمال المولى بمعنى المتولّي والمالك للأمر والأولى بالتصرّف شائع
__________________
(١) « الطرائف » ١ : ١٤٤ ـ ١٥٣ ، ح ٢١٨ ـ ٢٣٩ ؛ « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ١٩٢ ؛ « مناقب آل أبي طالب » ٣ : ٢٩ و ٣٦ ـ ٣٧ و ٤٥ ؛ « المناقب » لابن المغازلي : ٦٧ ـ ٧٨ ، ح ٢٤ و ٣٩.
(٢) العنكبوت (٢٩) : ٢٥ ؛ الجاثية (٤٥) : ٣٤ ؛ الحديد (٥٧) : ١٥.
(٣) « مسند أحمد » ٩ : ٣٣٥ ، الرقم ٢٤٤٢٦ ؛ « مجمع الزوائد » ٤ : ٥٢٥ ، الرقم ٧٥١٣ ؛ « النهاية في غريب الحديث » ٥ : ٢٢٩ ؛ « سنن الدارمي » ٢ : ١٣٧ ؛ « فتح الباري » ٩ : ٢٣٩ باب ٤١ ... ح ٥١٣٥.