في كلام العرب منقول عن أئمّة اللغة. والمراد أنّه اسم لهذا المعنى لا صفة بمنزلة الأولى لتعرض بأنّه ليس من صفة اسم التفضيل وأنّه لا يستعمل استعماله ، وينبغي أن يكون المراد به في الحديث هو هذا المعنى ليوافق صدر الحديث أعني قوله : « ألست أولى بكم من أنفسكم » ، ولأنّه لا وجه للخمسة الأوّل وهو ظاهر ولا للسادس ؛ لظهوره وعدم احتياجه إلى بيان وجمع الناس لأجله سيّما وقد قال الله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) (١) ، ولا خفاء في أنّ الأولويّة بالناس والتولّي والمالكيّة لتدبير أمرهم والتصرّف فيهم بمنزلة النبيّ صلىاللهعليهوآله هو معنى الإمامة.
وأجيب بأنّه غير متواتر بل هو خبر واحد في مقابل الإجماع ، كيف؟ وقد قدح في صحّته كثير من أهل الحديث ولم يفعله المحقّقون منهم كالبخاري ومسلم والواقدي وأكثر من رواه لم ترو المقدّمة التي جعل دليلا على المراد بالوليّ الأوّل بالتصرّف وبعد صحّة الرواية فمؤخّر الخبر أعني قوله : « اللهمّ وال من والاه » يشعر بأنّ المراد بالمولى هو الناصر والمجيب بل مجرّد احتمال ذلك كاف في دفع الاستدلال.
وما ذكر من أنّ ذلك معلوم ظاهر من قوله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ) ، لا يدفع الاحتمالات ؛ لجواز أن يكون الغرض التنصيص على موالاته ونصرته ؛ ليكون أبعد من التخصيص الذي تحتمله أكثر العمومات ، وليكون أوفى بإفادة الشرف وحيث قرن أكثر موالاة النبيّ صلىاللهعليهوآله ولو سلّم أنّ المراد بالمولى هو الأولى فأين الدليل؟ على أنّ المراد هو الأولى بالتصرّف والتدبير ، بل يجوز أن يراد الأولى في الاختصاص به والقرب منه كما قال الله تعالى : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) (٢) وهنا النبيّ وكما يقول التلامذة : نحن أولى بأستاذنا ، والأتباع : نحن
__________________
(١) التوبة (٩) : ٧١.
(٢) آل عمران (٣) : ٦٨.