على قصور علمه فلم يصلح للإمامة.
وأجيب عنه بأنّه إن أريد به أنّه ما كان جميع أحكام الشريعة حاضرة عنده على سبيل التفصيل ، فهو مسلّم ، ولكن ليس هذا من خواصّ أبي بكر ، بل جميع الصحابة مشاركون في هذا المعنى ، ولا يقدح في استحقاق الإمامة. وإن أريد به أنّه لم يكن من أهل الاجتهاد في المسائل الشرعيّة والقدرة على معرفتها باستنباطها من مداركها فهو ممنوع.
وقطع يسار السارق لعلّه من غلط الجلاّد ، وأضيف إليه ؛ لأنّ أصل القطع كان بأمره ، ويحتمل أنّه كان كذلك في المرّة الثانية على ما هو رأي أكثر الفقهاء.
وإحراق فجاءة السلمي بالنار من غلطه في اجتهاده فكم مثله في المجتهدين.
وأمّا مسألة الكلالة والجدّة فليس بدعا من المجتهدين ويبحثون عن المدارك في الأحكام ، ويسألون من أحاط بها علما ؛ لهذا رجع عليّ في بيع أمّهات الأولاد إلى قول عمر ، وذلك لا يدلّ على عدم علمه بأحكام الشريعة.
[١٢] ومنها : أنّه ( لم يحدّ خالدا ولا اقتصّ منه ) حيث قتل مالك بن نويرة وهو مسلم ؛ طمعا في التزوّج بامرأته لجمالها ؛ ولذلك تزوّج بها من ليلته وصاحبها ، فأشار إليه عمر بقتله قصاصا ، فقال : لا أغمد سيفا شهره الله على الكفّار ، فأنكر عمر عليه ذلك ، وقال لخالد : لئن ولّيت الأمر لأقيدنّك به (١).
وأجيب عنه بأنّا لا نسلّم أنّه وجب على خالد الحدّ والقصاص فإنّه قد قيل : إنّ خالدا إنّما قتل مالكا ؛ لأنّه تحقّق منه الردّة وتزوّج امرأته في دار الحرب ؛ لأنّه من المسائل المجتهد فيها بين أهل العلم.
وقيل : إنّ خالدا لم يقتل مالكا ، بل قتله بعض أصحابه ؛ لظنّه أنّه ارتدّ وكانت
__________________
(١) « الكامل في التأريخ » ٢ : ٣٥٧ ـ ٣٥٩ ؛ « تأريخ الطبري » ٣ : ٢٧٨ ـ ٢٨٠ ؛ « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ١ : ١٧٩ ؛ « الشافي » ٤ : ١٦١ ـ ١٦٢.