أرض أو ليل أو نهار إلاّ أنا أعلم فيمن نزلت؟ وفي أيّ شيء نزلت من آية؟ » (١) وإذا كان أعلم كان أفضل.
( ولقوله تعالى : ( وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) (٢) ) ليس المراد به نفسه ؛ لأنّ أحدا لا يدعو نفسه. كما لا يأمر نفسه.
وليس المراد فاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ؛ لأنّهم اندرجوا في قوله تعالى : ( أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ ) (٣) فلا بدّ وأن يكون شخصا آخر غير نفسه وغير فاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام وليس غير عليّ بالإجماع ، فتعيّن أن يكون عليّا.
وبيان دلالته على كونه أفضل الصحابة أنّ دعاءه للمباهلة يدلّ على أنّه في غاية الشفقة والمحبّة لعليّ وإلاّ لقال المنافقون : إنّ الرسول لم يدع للمباهلة من يحبّه ويحذر عليه من العذاب.
( ولكثرة سخائه على غيره ) يدلّ على ذلك ما اشتهر عنه من إيثار المحاويج على نفسه وأهل بيته حتّى جاد بقوته وقوت عياله وبات طاويا هو وإيّاهم ثلاثة أيّام حتّى أنزل الله في حقّهم : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) (٤).
وتصدّق في الصلاة بخاتمه ونزل في شأنه : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ) (٥).
( وكان أزهد الناس بعد النبيّ ) لما تواتر ، وتصدّق مرّة أخرى بجميع ما يملكه وقد كان يملك حينئذ أربعة دراهم لا غير فتصدّق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا ، وإعراضه عن لذّات الدنيا مع اقتداره عليها ؛ لاتّساع أبواب الدنيا عليه ، ولهذا قال : « يا دنيا يا دنيا إليك عنّي أبي تعرّضت أم إليّ تشوّقت؟ لا حان حينك هيهات غرّي غيري ،
__________________
(١) « تفسير فرات الكوفي » ١ : ١٨٨ ، الرقم ٢٣٩ ـ ٢١.
(٢) آل عمران (٣) : ٦١.
(٣) آل عمران (٣) : ٦١.
(٤) الإنسان (٧٦) : ٨.
(٥) المائدة (٥) : ٥٥.