لا حاجة لي فيك قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعيشك قصير ، وخطرك يسير ، وأملك حقير » (١).
وقال : « والله فدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم » (٢).
وكان أخشن الناس أكلا وشربا ولم يشبع من طعام.
وقال عبد الله بن رافع : دخلت يوما فقدّم جرابا مختوما ، فوجدنا فيه خبز شعير يابسا مرضوضا ، فأكلنا منه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، لم ختمته؟ فقال : « خفت هذين الولدين يلتّانه بزيت أو سمن » (٣).
وهذا شيء اختصّ به عليّ عليهالسلام ولم يشاركه غيره فيه ولم ينل أحد بعض درجته ، وكان نعلاه من ليف ويرقع قميصه بجلد تارة وبليف أخرى ، وقلّ أن يأتدم ، فإن فعل فبالملح أو الخلّ ، فإن ترقّى فبنبات الأرض ، فإن ترقّى فبلبن. وكان لا يأكل اللحم إلاّ قليلا ويقول : « لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوان » (٤).
( وأعبدهم ) حتّى روي أنّ جبهته صارت كركبة البعير لطول سجوده ، وكان يحافظ على النوافل ، وكانوا يستخرجون النصول من جسده وقت الصلاة ؛ لالتفاته بالكليّة إلى الله تعالى واستغراقه في المناجاة معه (٥).
( وأحلمهم ) حتّى ترك عبد الرحمن بن ملجم في دياره وجواره يعطيه العطاء مع علمه بحاله ، وعفا عن مروان حين أخذ يوم الجمل مع شدّة عداوته له ، وقوله فيه : « ستلقى الأمّة منه ومن ولده يوما أحمر » ، وعفا عن سعيد بن العاص وكان عدوّا له غاية العداوة ، ولمّا حارب معاوية سبق أصحاب معاوية إلى الشريعة فمنعوه من
__________________
(١) « نهج البلاغة » : ٦٦٦ ، الرقم ٧٧.
(٢) المصدر السابق : ٧٠٢ ، الرقم ٢٣٦ ، قصار الحكم.
(٣) « شرح نهج البلاغة » لابن أبي الحديد ١ : ١٤٨.
(٤) المصدر السابق ١ : ٢٦.
(٥) المصدر السابق : ٢٧.