بعثة الأنبياء ؛ لأنّهم إنّما بعثوا كبعث الأحكام ، فإذا كان أصلها مستغنى عن النبيّ صلىاللهعليهوآله كان غيره أولى.
[٦] ومنها : أنّ الإمام يجب أن يكون معصوما فيجب أن يثبت التعيين بالنصّ لا بالاختيار ؛ لخفاء العصمة عنّا ، لأنّها من الأمور الباطنة التي لا يعلمها إلاّ الله تعالى.
[٧] ومنها : أنّ الإمام يجب أن يكون أفضل أهل زمانه دينا وورعا وعلما وسياسة ، فلو ولّينا أحدنا باختيارنا لم نأمن أن يكون باطنه كافرا أو فاسقا ، فيخفى علينا أمر علمه والمقايسة بينه وبين غيره في الكمالات ، وإذا جهلنا الشرط كيف يصحّ أن يناط هذا الأمر ويستند إلى اختيارنا.
[٨] ومنها : أنّ الإمام كما أنّه لطف باعتبار أنّ الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد من التنازع والهرج والمرج ، وكان ذلك علّة في وجوب نصبه كذلك كونه منصوصا عليه معيّنا من عند الله ، فإنّ الناس مع الإمام المنصوص عليه من قبل الله تعالى أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الهرج والمرج ممّا إذا كان تعيينه مستندا إلى اختيار المكلّفين ومفوّضا إلى تعيين العامّة ، فإنّه لا فساد أعظم من ذلك ولا اختلاف أشدّ منه ، فيكون تعيينه من قبل الله تعالى واجبا ، كما وجب أصل تعيينه.
وإنكار كون الناس أقرب إلى الصلاح مع التنصيص على الإمام وبعدهم مع التفويض إلى الاختيار مكابرة محضة وإنكار للضرورة ؛ فإنّ كلّ عاقل يجزم بذلك ، ويحكم بأنّ المنكر معاند جاحد.
[٩] ومنها : أنّ الصفات المشترطة في الإمام خفيّة لا يمكن الاطّلاع للبشر كالإسلام والعدالة والعفّة والشجاعة وغيرها من الكيفيّات النفسيّة ، فلو كان نصبه منوطا باختيار العامّ لكان إمّا أن يشترط العلم بحصولها في المنصوب بالاختيار ، وهو تكليف ما لا يطاق أو يشترط الظنّ وقد نهي من اتّباعه في الآيات ، وتجويزه في بعض المواضع لا يخرجه عن الحجيّة في غير محلّ التخصيص.
[١٠] ومنها : أنّه لو ثبت الإمام بالاختيار لكان لمن أثبتها باختياره أن يبطلها