بعض البلاد يلزم الترجيح بلا مرجّح واللوازم باطلة ، فالمقدّم أيضا باطل ، فيجب على الله تعالى.
[١٥] ومنها : أنّ الإجماع واقع على أنّ قوله تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) (١) ، ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ) (٢) ، وغيرهما من الآيات مطلقة غير مقيّدة ، فالخطاب إمّا للأمّة أو للإمام ، والأوّل باطل ، للإجماع على أنّ الحدود لا يتولاّها إلاّ الإمام أو من أذن له الإمام ، وأنّه ليس للأمّة أن يأمر الجلاّد بالقطع من دون أن يتولّى ذلك الأمر الإمام. والحمل على وجوب نصب الأئمّة على الأمّة إخراج الكلام عن حقيقته من غير ضرورة ولا دلالة.
[١٦] ومنها : أنّ الإنسان مدني بالطبع لا يمكن أن يعيش منفردا ؛ لافتقاره في بقائه إلى مأكل وملبس ومسكن لا يمكن أن يفعلها بنفسه بل يفتقر إلى مساعدة غيره ، بحيث يفرغ كلّ منهم لما يحتاج إليه صاحبه حتّى يتمّ نظام النوع ، ولمّا كان الاجتماع في مظنّة التغالب والتناوش فإنّ كلّ واحد من الأشخاص قد يحتاج إلى ما في يد غيره ، فتدعوه قوّته الشهويّة إلى أخذه وقهره عليه وظلمه فيه فيؤدّي ذلك إلى وقوع الهرج والمرج وإثارة الفتن ، فلا بدّ من نصب إمام معصوم يصدّهم عن الظلم والتعدّي ، ويمنعهم من التغلّب والقهر ، وينتصف للمظلوم من الظالم ، ويوصل الحقّ إلى مستحقّه لا يجوز عليه الخطأ ولا السهو ولا المعصية ، وإلاّ لم يتمّ النظام.
[١٧] ومنها : أنّ الله تعالى قادر على نصب الإمام المعصوم ، والحاجة داعية إليه ، ولا مفسدة فيه ، والكلّ ظاهر فيجب نصبه.
[١٨] ومنها : أنّه لو كان الإمام غير معصوم لزم تخلّف المعلول عن علّته التامّة ، لكنّ التالي باطل ، فالمقدّم مثله.
__________________
(١) المائدة (٥) : ٣٨.
(٢) النور (٢٤) : ٢.