ابتداء وجودهم إلى آخر عمرهم من الصغائر والكبائر عمدا وسهوا وتأويلا ، وكلّ من أثبت ذلك أثبت عصمة الإمام ؛ إذ كلّ من قال بعصمة الأنبياء قال بعصمة الإمام ، فالفرق خرق للإجماع المركّب.
[٢٤] ومنها : قوله تعالى : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (١) ؛ فإنّ غير المعصوم لا يهدي إلاّ أن يهدى ، وقد لا يهدي مع أنّه يهدى فلا يجوز اتّباعه.
[٢٥] ومنها : قوله تعالى : ( الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ ) (٢) ؛ إذ نفي الريب من جميع الوجوه وفي جميع الأزمنة لا يكون إلاّ بوجود معصوم مبيّن لمعانيه ، وذلك هو الإمام.
[٢٦] ومنها : قوله تعالى : ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) (٣).
وجه الاستدلال أنّه تعالى وصفهم بالعدالة المطلقة لأجل الشهادة على الناس ، ولا بدّ أن يكون الشاهد منزّها عن مخالفة الرسول في شيء أصلا حتّى يكون للمشهود عليه لمخالفته حجّة عليه ، ولا يكون كذلك إلاّ المعصوم.
[٢٧] ومنها : أنّ غير المعصوم إمّا أن يكفي في تقريب نفسه من الطاعة وتبعيده عن المعصية أو لا يكفي ، فإن كان الأوّل استغنى عن الإمام مطلقا ولم يحتجّ إلى إمام ، وإن كان الثاني فإذا لم يكف في تقريب نفسه فالأولى أن يكفي في تقريب غيره ، ولا يصلح.
[٢٨] ومنها : أنّ الجزم بالنجاة يحصل باتّباع الإمام المعصوم لا غيره.
[٢٩] ومنها : قوله تعالى : ( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ) (٤) ؛ فإنّ الأمر بالمقاتلة
__________________
(١) يونس (١٠) : ٣٥.
(٢) البقرة (٢) : ١ ـ ٢.
(٣) البقرة (٢) : ١٤٣.
(٤) البقرة (٢) : ١٩٠.