القليب ، ومن يحزب الأحزاب ، ثمّ قال : أيّتها الشجرة ، إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر ، وأنّي رسول الله فانقلعي بعروقك حتّى تقفي بين يديّ بإذن الله. والذي بعثني بالحقّ لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دويّ شديد وقصف كقصف أجنحة الطير حتّى وقفت بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله مرفوعة ، وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله ، وبعض أغصانها على منكبين وكنت على يمينه صلىاللهعليهوآله ، فلمّا نظر القوم إلى ذلك قالوا ـ علوّا واستكبارا ـ : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها بأعجب إقبال وأشدّ دويّ ، وكادت تلتف برسول الله ، فقالوا ـ كفرا وعتوّا : ـ فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه ، فأمره صلىاللهعليهوآله فرجع ، فقلت أنا : لا إله إلاّ الله إنّي أوّل مؤمن بك يا رسول الله ، وأوّل من آمن بأنّ الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقا بنبوّتك وإجلالا لكلمتك ، فقال القوم : بل ساحر كذّاب عجيب السحر خفيف فيه ، فهل يصدّقك في أمرك غير هذا؟ يعنونني » (١).
[٣] ومنها : خروج الماء من بين أصابعه ، وذلك كما قيل : إنّهم كانوا في سفر فشكوا أن لا ماء معهم وأنّهم بمعرض التلف وسبيل العطب ، فقال : « كلاّ إنّ معي ربّي ، عليه توكّلت » ثمّ دعا بركوة فصبّ فيها ماء ما كان ليروي رجلا ضعيفا ، وجعل يده فيها ، فنبع الماء من بين أصابعه ، فصيح في الناس فشربوا وسقوا حتّى نهلوا أو علوّا ـ وهم ألوف ـ وهو يقول : « أشهد أنّي رسول الله » (٢).
[٤] ومنها : حنين الجذع الذي كان يخطب صلوات الله عليه عنده ، وذلك كما روي أنّه كان في مسجده بالمدينة يستند إلى جذع فيخطب الناس ، فلمّا كثر الناس اتّخذوا إليه منبرا ، فلمّا صعده حنّ الجذع حنين الناقة التي فقدت ولدها ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله فضمّه إليه وكان يئنّ أنين الصبيّ الذي يسكت (٣).
__________________
(١) « إعلام الورى » ١ : ٧٤ ـ ٧٥ ، وقد صحّحنا النقل على المصدر.
(٢) المصدر السابق ١ : ٧٦ ، نقله بتفاوت يسير.
(٣) المصدر السابق ١ : ٧٦.