فرأى فيها يوسف ، ثمّ صعد إلى الرابعة فرأى فيها إدريس ، ثمّ صعد إلى الخامسة فرأى هارون ، ثمّ صعد إلى السادسة فرأى إبراهيم ، ثمّ صعد إلى أعلى علّيّين قرب العرش فرأى الجنّة ، فكلّمه ربّه بما كلّمه بلسان عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قائلا : بأنّي لم أجد في قلبك أحبّ منه ، ثمّ رجع إلى مكّة فلمّا أصبح حدّث بما وقع ، فكذّبه أبو جهل والمشركون ، فأخبرهم بما أطّلع عليه من أمور الغيب فلم ينفع » (١).
اعلم أنّ ظاهر الآيات والأخبار ، بل مقتضى الضرورة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله عرج بتمام جسمه الشريف إلى مقام « قاب قوسين أو أدنى » ، ولزوم الخرق والالتئام ـ مضافا إلى منع امتناعهما فيما دون الفلك الأعظم وهو العرش ؛ لعدم تمام دليل المانع مع غير محدّد الجهات كما بيّن في محلّه ، بل مطلقا ، لعموم قدرة الله ـ غير مانع في المقام ؛ لأنّ المعراج الجسماني معجزة ، وكلّ معجزة لا بدّ من كونها خارقة للعادة ، وكونها مستندة إلى فعل الله القادر على ما يشاء ، والفعّال لما يريد ، فاستبعاد ذلك أو اعتقاد خلاف ما ذكر عن العاقل بعيد.
[ ما قاله الشيخ المعاصر في كيفيّته المعراج ]
والعجب أنّ الشيخ المعاصر قال في جواب السؤال عن معراج محمّد صلىاللهعليهوآله بجسمه من غير لزوم خرق والتئام ، وعن معنى رؤية الأنبياء ، وصلاته بالملائكة ، وصلاة الربّ ، ووقوفه ، ما يخالف ظاهره ذلك حيث قال : « إنّ حقيقة المعراج هو العروج على ظاهره ولا جهل فيه ، وإنّما الجهل في معرفة جسد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وفي معرفة الأفاعيل الإلهيّة ، وفي معرفة الخرق والالتئام.
فنقول : اعلم أنّ الله سبحانه خلق قلوب المؤمنين من فاضل طينة جسم محمّد صلىاللهعليهوآله وأهل بيته ، والفاضل إذا أطلق في الأخبار وفي عبارات العارفين
__________________
(١) « تفسير القمّي » ١ : ٣٩٥ ذيل الآية ١ من سورة الإسراء (١٧) ؛ « بحار الأنوار » ١٨ : ٣١٩ ـ ٣٣٢ ، ح ٣٤. وقد صحّحنا النقل على المصدر.