قلت : الخرق والالتئام أيضا من باب الإعجاز ، فلأيّ داع تقول بأحدهما وتنكر الآخر؟!! مع أنّ الخالق الذي خلق الأفلاك من العدم ، وجعلها فتقا بعد الرتق قادر على خرقها والتئامها ، إلى غير ذلك من المفاسد.
وثانيا : (١) أنّ نبيّنا محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل المرسلين وخاتم النبيّين ، وأنّه لا نبيّ بعده ، وأنّ دينه باق إلى يوم الدين ـ كما هو اتّفاق جميع أهل الملل ـ وإن وقع الخلاف في تعيين ذلك الخاتم.
ووجه ذلك أنّ ختم النبوّة ما ادّعاه النبيّ الذي ثبت نبوّته ، وكلّ ما هو كذلك فهو حقّ. وكما قال تعالى : ( ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ ) (٢).
فإن قلت : الآية تدلّ على ختمه على قراءة من قرأ خاتم النبيّين ـ بكسر التاء ـ كما عن غير عاصم ، وأمّا على قراءة فتح التاء ـ كما عن عاصم ، وهي ممّا تداول بين أهل الشرع ـ فلا ؛ لأنّ الخاتم ـ بفتح التاء ـ اسم لما يجعل في الاسم أو ما يختم به المكتوب فيكون من باب التشبيه البليغ ، ويكون وجه الشبه ما هو من خواصّ المشبّه به كالزينة فلا تكون الآية على هذا دالّة على كونه صلىاللهعليهوآلهوسلم آخر النبيّين كما هو المدّعى.
قلت أوّلا : إنّ خاتم النبيّين ـ بفتح التاء ـ مفسّر بآخر النبيّين.
وثانيا : إنّ من خواصّ المشبّه به كونه محيطا للفصّ (٣) والإصبع بقدره ، فيستفاد كونه محيطا ؛ لكونه أوّل النبيّين ميثاقا وآخرهم مبعثا ، أو محيطا لعلوم جميع النبيّين وأخلافهم كما في قوله تعالى : ( فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) (٤) فيكون أفضل ، فيجب كونه ناسخا
__________________
(١) مرّ الأوّل في صفحة ٥٠ « والحاصل أوّلا ».
(٢) الأحزاب (٣٣) : ٤٠.
(٣) كذا في الأصل ، ولعلّ الصحيح : « كالفصّ ».
(٤) الأنعام (٦) : ٩٠.