في جزالته ، ويرقصون رءوسهم عند قوله تعالى : ( يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ ) (١) لذلك ، لا لعدم تأتّي المعارضة مع سهولتها في نفسها.
الثاني : أنّه لو قصد الإعجاز بالصرفة لكان الأنسب ترك الاعتناء ببلاغته وعلوّ طبقته ؛ لأنّه كلّما كان أنزل في البلاغة وأدخل في الركاكة ، كان عدم تيسّر المعارضة أبلغ في خرق العادة.
الثالث : قوله تعالى : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) (٢) فإنّ ذكر الاجتماع والاستظهار بالغير في مقام التحدّي إنّما يحسن فيما لا يكون مقدورا للبعض ، ويتوهّم كونه مقدورا للكلّ فيقصد نفي ذلك.
( والنسخ تابع للمصالح ). إشارة إلى ردّ ما قال اليهود من إبطال نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم من أنّ شريعة موسى مؤبّدة ؛ لأنّ النسخ باطل ؛ لأنّ المنسوخ إن كان متضمّنا لمفسدة كان إعماله قبيحا ، وإن لم يكن متضمّنا لمفسدة لكان رفعه قبيحا ، وإذا بطل النسخ يلزم أن تكون شريعة موسى مؤبّدة فيلزم بطلان شريعة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لكونها ناسخة شريعة موسى عليهالسلام. تقرّر الردّ بناء على قول المعتزلة : إنّ الأحكام تابعة للمصالح ، وهي مختلفة بحسب الأشخاص والأوقات.
وأكدّ جواز النسخ ببيان وقوعه ، فقال : ( وقد وقع حيث حرّم على نوح بعض ما أحلّ لمن تقدّم ) فإنّه جاء في التوراة : إنّ الله تعالى قال لآدم وحوّاء : قد أحلّ لكما كلّ ما دبّ على وجه الأرض ، وقد حرّم على نوح عليهالسلام بعض الحيوانات ( وأوجب الختان ) على الفور على الأنبياء المتأخّرين عن نوح ( بعد تأخيره ) يعني مع إباحة
__________________
(١) هود (١١) : ٤٤.
(٢) الإسراء (١٧) : ٨٨.