الفصل الخامس :
أنّ نبيّنا صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الأنبياء
والمرسلين ، بل أفضل المخلوقين حتّى الملائكة المقرّبين
وله لهذا إذن شفاعة العاصين في يوم الدين كما يستفاد من الكتاب المبين.
اعلم أنّ مذهبنا أفضليّة الأنبياء ـ بل الأئمّة كما هو ظاهر بعض الأخبار ـ على الملائكة ، وعن بعض الأشاعرة وجمهور المعتزلة القول بالعكس (١).
والحقّ هو الأوّل ، سواء قلنا بكون الملائكة أجساما لطيفة ، أو جواهر مجرّدة متعلّقة بالأجسام أو غير متعلّقة ؛ لأنّ النفوس الناطقة إذا صارت مهذّبة وكملت في قوّتيها العلميّة والعمليّة مع وجود ما يضادّ ، والقوّة العقليّة من الشهويّة والغضبيّة وشواغل الحواسّ الظاهرة والباطنة مع كونها بالذات مجرّدة ، حصلت لها المراتب العالية بسبب الرياضات البدنيّة والمجاهدات النفسانيّة ، فتكون أشدّ استحقاقا للمدح بالنسبة إلى من يكون علمه فطريّا وليس له داع إلى المخالفة ، وليس له تلك الرياضات والمجاهدات أضعافا مضاعفة بحسب كثرة المجاهدات في كسب العلم والعمل ، وقلّتها ، وهو المعني من الأفضليّة ، وكون العقول المجرّدة غير المتعلّقة
__________________
(١) انظر « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٦٣.