ممنوعة ؛ إذ الأمر كثيرا ما يكون بالعكس ، بخلاف تعليم آدم فإنّه على حقيقته الموجبة لظهور استحقاق آدم لكونه خليفة في الأرض ؛ إذ لا يظهر ذلك إلاّ على تقدير كونه كذلك كما لا يخفى ؛ ولهذا ورد في الخبر في بيان قوله تعالى : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) (١). « والله هي الشفاعة » (٢). إلى غير ذلك من الآيات والأخبار الدالّة على تحقّق إذن الشفاعة والعفو بها ؛ لقوله تعالى : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ) (٣). ونحوه ، خلافا للوعيديّة القائلين بلزوم الوعيد على الله تعالى وعدم تحقّق العفو في مقابل النصّ.
وإلى مثل ما ذكرنا أشار المصنّف رحمهالله مع بيان الشارح القوشجي بقوله : ( وهو أفضل من الملائكة ، وكذا غيره من الأنبياء ؛ لوجود المضادّ للقوّة العقليّة وقهره على الانقياد عليها ).
ذهب جمهور الأشاعرة (٤) إلى أنّ الأنبياء أفضل من الملائكة ، خلافا للحكماء والمعتزلة والقاضي أبي بكر وأبو عبد الله الحليمي منهم ، وصرّح بعضهم بأنّ عوامّ البشر من المؤمنين أفضل من عوامّ الملائكة ، وخواصّ الملائكة أفضل من عوامّ البشر ، واختار المصنّف مذهب الأشاعرة ؛ تمسّكا بأنّ للبشر أمورا متضادّة للقوّة العقليّة ، وشواغل عن الطاعات العلميّة والعلميّة كالشهوة والغضب ، وسائر الحاجات الشاغلة والموانع الخارجة والداخلة. والمواظبة على العبادات وتحصيل الكمالات بالقهر والغلبة على ما يضادّ القوّة العقليّة تكون أشقّ وأبلغ في استحقاق الثواب ، ولا معنى للأفضليّة سوى زيادة استحقاق الثواب والكرامة.
وقد يتمسّك بوجوه نقليّة :
__________________
(١) الضحى (٩٣) : ٥.
(٢) أورده الطبرسي في « مجمع البيان » ١٠ : ٥٠٥ ذيل الآية ٥ من سورة الضحى.
(٣) البقرة (٢) : ٢٥٥.
(٤) لمعرفة التفاصيل حول هذا المبحث راجع « اللوامع الإلهيّة » : ٢٩٧ ، اللامع العاشر في النبوّة.