الأوامر ، ومن جملتها اجتناب المنهيّات.
ومنها : قوله تعالى : ( وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ) (١) ، وصفهم بالقرب والشرف عنده بالتواضع ، والمواظبة على الطاعة والتسبيح.
ومنها : قوله تعالى : ( بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) إلى أن قال : ( وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) (٢) ، وصفهم بالكرامة المطلقة ، والامتثال ، والخشية ، وهذه الأمور أساس كافّة الخيرات.
والجواب : أنّ جميع ذلك إنّما يدلّ على فضيلتهم لا على أفضليّتهم سيّما على الأنبياء.
ومنها : قوله تعالى : ( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ) (٣) ؛ فإنّ مثل هذا الكلام إنّما يحسن إذا كان الملك أفضل ، فكأنّه قال : لا أثبت لنفسي مرتبة فوق البشريّة كالملكيّة.
والجواب : أنّه لمّا نزل قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ ) (٤). والمراد قريش استعجلوه بالعذاب تهكّما به وتكذيبا له فنزلت بيانا ؛ لأنّه ليس له إنزال العذاب من خزائن الله يفتحها ، ولا يعلم أيضا متى نزل بهم العذاب منها ، ولا هو ملك فيقدر على إنزال العذاب عليهم كما يحكى أنّ جبرئيل قلّب بأحد جناحيه المؤتفكات ، فقد دلّت الآية على أنّ الملك أقدر وأقوى لا على أنّه أفضل من البشر.
ومنها : قوله تعالى : ( ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ ) (٥) ، أي
__________________
(١) الأنبياء (٢١) : ١٩ ـ ٢٠.
(٢) الأنبياء (٢١) : ٢٦ ـ ٢٨.
(٣) الأنعام (٦) : ٥٠.
(٤) الأنعام (٦) : ٤٩.
(٥) الأعراف (٧) : ٢٠.