إلاّ لكراهة أن تكونا ملكين [ أو تكونا من الخالدين ] (١) يعني أنّ الملكيّة بالمرتبة الأعلى وفي الأكل من الشجرة ارتقاء إليها.
والجواب : أنّهما رأيا الملائكة أحسن صورة وأعظم خلقا وأكمل قوّة فمنّاهما مثل ذلك وخيّل إليهما أنّه الكمال الحقيقي والفضيلة المطلوبة ، ولو سلّم فغايته التفضيل على آدم قبل النبوّة.
ومنها : قوله : ( لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ) (٢) ، أي لا يترفّع عيسى عليهالسلام عن العبوديّة ولا من هو أرفع منه درجة ، كقولك : لا يستنكف من هذا الأمر الوزير ولا السلطان ولو عكست لأخللت.
والجواب : أنّ الكلام سيق لردّ مقالة النصارى وغلوّهم في المسيح ، وادّعائهم فيه مع النبوّة البنوّة ، بل الألوهيّة والترفّع [ عن العبوديّة لكونه روح الله ولد بلا أب ، ولكونه يبرئ الأكمه والأبرص ، ولا يترفّع ] (٣) عيسى عن العبوديّة ، ولا من هو فوقه في هذا المعنى وهم الملائكة الذين لا أب لهم ولا أمّ يقدرون على ما لا يقدر عليه عيسى ، ولا دلالة على الأفضليّة بمعنى كثرة الثواب وسائر الكمالات.
ومنها : اطّراد تقديم ذكر الملائكة على ذكر الأنبياء والرسل ، ولا تعقل له جهة سوى الأفضليّة.
والجواب : أنّه يجوز أن يكون لجهة تقدّمهم في الوجود ، أو في قوّة الإيمان بهم ، فإنّ وجود الملائكة أخفى فالإيمان بهم أقوى ، فيكون تقديم ذكرهم أولى.
وأمّا العقليّات :
فمنها : أنّ الملائكة روحانيّة مجرّدة في ذواتها متعلّقة بالهياكل العلويّة ، مبرّأة عن
__________________
(١) هذه العبارة لم ترد في « شرح القوشجي ».
(٢) النساء (٤) : ١٧٢.
(٣) الزيادة أضفناها من « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٢٦٤.