على سبيل الإشراق من غير ميزان للأفكار وقع الخطأ والاختلاف بين الفلاسفة ، إلاّ أنّ المعلّم الأوّل ـ أرسطو ـ وضع المنطق ؛ ليكون ميزانا للأفكار ، وأسّس أساس تدوين الكتب وترتيب المسائل والتعليم البياني ، وحصّل منه الرواقيّون الآخذون منه في المجلس ، والمشّاءون الآخذون منه لعدم الفرصة عند المشي ، وعند ذلك حصل بقراط وأقليدس وبطليموس ، وذيمقراطيس وأمثالهم من الحكماء ، وهم اختلفوا في العقائد ووضعوا بحسب معتقداتهم مذاهب من غير اعتقاد بنبيّ من الأنبياء ، وهم أرباب النحل التابعون لآرائهم المتفرّقون إلى السوفسطائي الذي لا يقول بالمعقول والمنقول ، بل هو قائل بالوهم ، والطبعيّين الذين لا يقولون بالمعقول ، ويقولون لا عالم سوى المحسوس ، كالدهريّة ، والفلاسفة الذين يقولون بالمعقول والمحسوس وبالمبدإ دون الشريعة.
وأمّا أرباب الملل فهم قائلون بالنبوّة ، وتابعون لنبيّ من الأنبياء ، ومعتقدون بشبه كتاب كالمجوس ، أو بكتاب من كتب الله تعالى ، كاليهود والنصارى والمسلمين.
والمسلمون افترقوا إلى أهل السنّة. القائلين بخلافة أبي بكر ، وكون عليّ عليهالسلام خليفته في المرتبة الرابعة ، وإلى الناصبي المبغوضون له ، وإلى الغلاة القائلين بالهيئة ، وإلى الشيعة القائلين بكونه خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحقّ بلا فصل ، بالعقل والنقل.
والشيعة افترقوا على ستّ عشرة فرقة :
الأولى : الكيسانيّة ، القائلون بإمامة محمّد بن الحنفيّة.
الثانية : المختاريّة ، العادلون عن الكيسانيّة إلى اعتقاد انحصار الإمامة في عليّ والحسنين عليهمالسلام ظاهرا.
الثالثة : الهاشميّة ، القائلون بإمامة هاشم بن محمّد الحنفيّة بعد أبيه.
الرابعة : البيانيّة ، القائلون بإمامة بيان بن سمعان بعد هاشم.
الخامسة : الرزاميّة ، القائلون بإمامة عليّ بن عبد الله بن عبّاس بعد هاشم بحسب الوصيّة ، وهم من أصحاب رزام بن سالم.