ليست من الجنّة حتّى تعود إليها وإنّما هي من هذه الدنيا ـ إلى أن قال : ـ وهذه الصورة الأولى هي الجسد الأوّل الذي لا يعود ، وهو من العناصر المحسوسة وهو الكثافة.
والجسد الثاني ، وهو الذي يعود ، وهو مخلوق من عناصر هورقليا ، أعني العالم الذي قبل هذا العالم ، وفيه جنان الدنيا والجنّتان المدهامّتان ، وإليه تأوي أرواح المؤمنين.
و « هورقليا » معناه ملك آخر وفي أرضها بلدان : جابرسا ، وجابرقا. ومثله ما يدلّ على أنّ ما خلق من هذه العناصر المعروفة إذا تفكّكت في القبر ، رجع ما فيه من النّار إلى عنصر النار وامتزج بها ، وما فيه من الهواء إلى الهواء كذلك ، وكذلك الماء والتراب ، وذهب فلا يعود ؛ إذ لا حساب عليه ولا عقاب ولا نعيم ولا ثواب ، ولا شعور فيه ولا إحساس ، ولا تكليف عليه ، ولا مدخل له في الحقيقة ، وإنّما هو بمنزلة الثوب لبسته ثمّ تركته ولبست غيره.
إلى غير ذلك من الكلمات الدالّة على أنّ العظام التي تصير رميما لا تعود ، وأنّ المعاد في المعاد هو الجسم النوراني الهورقليائي. زعما منه أنّه على وفق ما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام بعد ما سئل عن الميّت : هل يبلى جسده؟ قال : « نعم ، حتّى لا يبقى لحم ولا عظم إلاّ طينته التي خلق منها ؛ فإنّها لا تبلى بل تبقى في القبر مستديرة حتّى يخلق منها كما خلق أوّل مرّة » (١).
ومثل ذلك ما قال بعض من تبعه حيث قال في تفسير قوله تعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ). (٢) و « الأرض » هي أرض
__________________
(١) « الكافي » ٣ : ٢٥١ ، باب النوادر من كتاب الجنائز ، ح ٧.
(٢) يس (٣٦) : ٣٣.