وعن هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق أبا عبد الله عليهالسلام أخبرني عمّن قال بتناسخ الأرواح من أيّ شيء قالوا ذلك؟ وبأي حجّة قالوا على مذاهبهم؟
قال : « إنّ أصحاب التناسخ قد خلّفوا وراءهم منهاج الدين ، وزيّنوا لأنفسهم الضلالات ، وأمرجوا أنفسهم في الشهوات ، وزعموا أنّ السماء خاوية ما فيها شيء ممّا يوصف ، وأنّ مدبّر هذا العالم في صورة المخلوقين بحجّة من روى : أنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم على صورته. وأنّه لا جنّة ولا نار ولا بعث ولا نشور. والقيامة عندهم خروج الروح من قالبه ، وولوجه في قالب آخر. إن كان محسنا في القالب الأوّل أعيد في قالب أفضل منه حسنا في أعلى درجة الدنيا ، وإن كان مسيئا أو غير عارف صار في بعض الدوابّ المتعبة في الدنيا » (١).
أمّا إمكانه عقلا فواضح ؛ لأنّ أحد المثلين إذا كان ممكنا كان الآخر أيضا ممكنا ، وإلاّ لم يكن مثله ، مضافا إلى عدم وجود مانع ذاتي أو عرضي يتصوّر بالنسبة إليه. وأنّ مادّة الأجساد والأرواح ـ أعني النفوس الناطقة ـ باقية ولا تعدم إلاّ الصورة ، ففي المعاد تتعلّق مثل تلك الصورة بالبدن المعاد ، فتتعلّق الأرواح الباقية إلى ما أعيد من الأجساد. وتغيّر مجرّد الصورة لا ينافي كون الثاني عين الأوّل ، كما في الشيخ الذي هو عين الطفل مع تغيّر الصورة ، بل زيادة الأجزاء المادّية الزائدة عن الأصليّة أيضا ، فلا يلزم إعادة المعدوم بعينه ، ولا كون المثاب غير المطيع ، ولا كون المعاقب غير العاصي كما يفهم من اعتبار كون البدن الثاني عين الأوّل أو مثله.
أو يقال : إنّ المعدوم بسبب الموت وافتراق أجزاء البدن هو الحياة المشروطة
__________________
(١) « الاحتجاج » ٢ : ٣٤٤ ، احتجاج أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، وعنه في « بحار الأنوار » ٤ : ٣٢٠ ، باب في إبطال التناسخ.